حرب شعواء على الأمير زيد بن رعد
من سخريات القدر أن تطالب هنجاريا " المجر " باستقالة المفوض الأممي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد ( أول عربي ومسلم يحتل هذا المنصب " بسبب انتقاداته لفيكتور أوربان رئيس الوزراء الهنجاري في ما يتعلق بالهجرة ، وخاصة الإساءات التي تلقاها السوريون من هذا البلد ( كلنا يذكر العرقلة الشهيرة التي قامت بها مصورة صحفية ضد لاجئ سوري في سبتمبر من عام 2015 ) ..
ولا ندري ، هل حقد هؤلاء على السوريين والمسلمين عموما له علاقة بالإقتصاد كما حاول رئيس وزراء المجر تصويره، أم بسبب أحقاد تاريخية تعود لحقبة حرب البلقان الأولى والثانية ..
وأيا كان الأمر ، فإن مطالبة بيتر سيارتو ، وزير خارجية هنجاريا باستقالة الأمير خلال خطابه الأخير في الدورة السابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف ، مدعيا بأن رئيسه منتخب ولا يجوز انتقاده وإن " على الأمير تقديم استقالته " يكشف بغض ما خفي ، خاصة وأن رئيس الوزراء الهنجاري ومنذ سنوات ، يرفض تطبيق خطة توزيع اللاجئين الأوروبية على اعتبار أنهم إرهابيون ( توصيف النظام الذي سبق وهددهم بالقتل إذا عادوا على لسان جنرالاته " مما دفع الأمير إلى وصفه مع رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية المتطرفة بزعامة ماري لوبان بأنهما " شعبويان " وإن " موقفهما من اللاجئين يشبه موقف تنظيم داعش " كما قال الأمير حرفيا .
ويبدو أن وزير الخارجية المذكور نسي بأن الأمير لا يعتزم تجديد ولايته أو السعي لتجديدها ، فقد أعلن في كانون الأول من العام الفائت 2017 قائلا في خبر بثته وكالة الصحافة الفرنسية : "قررت ألا أسعى للتفويض لفترة ثانية" .. مضيفا : " في السياق الجغرافي السياسي الحالي، قد يتطلب الركوع، وإغفال بيانات هامة، والحد من استقلال وقوة صوتي، الذي هو صوتكم " .
ولا يجب أن ننسى بأن الأمير تعرض لضغوط أمريكية بتحريض إسرائيلي في تشرين ثاني الماضي لثنيه عن نشر قائمة سوداء بالشركات التي تتعامل مع المستوطنات ، ومؤخرا إعلانه الرفض التام لقرار الرئيس الأمريكي نقل السفارة إلى القدس ، وكل هذه عوامل كافية للتعرف على الحملة التي يتعرض لها .
يوم الجمعة الماضية ، وخلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف ، فتح الأمير النار على الروس وعلى النظام وحلفائهم ، بسبب ما يجري في الغوطة ، قائلا : " إن المساعدات لم تصل رغم موافقة موسكو على القرار الأممي 2401 " .. مضيفا : " من الصعب إيصال المساعدات في فترة لا تتجاوز خمس ساعات ، الغرض من القرار لم يكن القصد منه استهداف سيطرة داعش وجبهة النصرة ، بل تحجيم الهجمات العشوائية في الغوطة والتي لا يمكن تبريرها على أساس أنها استهداف لجبهة النصرة ، .وإن لم تصل المساعدات فسيكون هناك المزيد من قتل النساء والأطفال والمزيد من البؤس " .
وقال بكل جرأة : إن ما نراه في الغوطة قد يمكن أن توصف بأنها جرائم ضد الإنسانية ، فقصف المدنيين حتى الرحيل أو الموت جريمة إنسانية ، وستتم محاسبة كل من يفعل ذلك في محكمة الجنايات وعليهم أن لا يظنوا بانهم سينجون بفعلتهم ، وكثيرا ما اعتبر أمثالهم بانهم وطنيون ولكن نسي هؤلاء بأنه سبق وإدين حكام وجنرالات بسبب جرائم حرب ارتكبوها قبل ربع قرن وما حل بزعيم السلفادور الذي تم ترحيله إلى اسبانيا وزعماء الصرب في البوسنة مثال حي "
وتابع موجها انتقاده لروسيا : " إن محاولات توفير غطاء لهؤلاء أمر مخز " .
وقال متوعدا : " إن عجلة العدالة بطيئة لكنها ستبلغ نهايتها وستنجز وتوضع حدا لهم ،وسوف تتم محاكمة من تسبب بمعاناة الشعب السوري " .
وبعد كل ذلك يأتي وزير خارجية هنجاريا ويطالب بإقالة الأمير ، فهل هذه المطالبة بعد كل ما قلناه ، محصورة بانتقاده رئيس وزراء المجر ، أم أن وراء الأكمة كما وراءها !..