تهمة الطائفي وموقع «الكوثر» الإيراني
خصص موقع قناة «الكوثر» الإيرانية، المقربة من خامنئي مقالا طويلا للهجوم على كاتب هذه السطور، جاء نصفه الأول هجوما على الصحابي «أبو هريرة».
ليس في المقال ما يستحق التوقف، فهو أشبه بالهذيان منه إلى المقال الذي يبدأ وينتهي وفق النسق التقليدي للمقالات، ما يعكس أن من كتبه ومن أوحوا بكتابته، قد أوجعهم فضحنا للنهج الطائفي للحكم الإيراني، فكان أن اتهمونا بذات التهمة، معطوفة على السلفية!!
يجدر بنا أن نذكّر هؤلاء السفهاء أننا لم نكن نجهل المذهب الذي ينتمي إليه حزب الله، ولا لموقفه من أبي هريرة والغالبية الساحقة من الصحابة، فضلا عن «عائشة أم المؤمنين»، حين كنا نؤيد الحزب في قتاله ضد العدو الصهيوني، فلا مشكلة لدينا في أن يعتقد كل أحد ما يشاء، ما دام لا يبادر إلى استفزاز الغالبية، كما فعل المقال الذي خُصص نصفه لهجاء واحد من مشاهير الصحابة. وطالما قلنا؛ فليكفّ خامنئي عدوانه، وليعبد ربه كما يشاء، فلا إكراه في الدين، فضلا عن المذهب. والخلاصة أنه لا مشكلة لنا مع أحد بسبب دينه، أو مذهبه، وما يعنينا هو الموقف السياسي.
نفتح قوسا هنا لنشير إلى واقعة حدثت قبل سنوات، حين ألّف أحدهم كتابا عن «التشيّع في بلاد الشام»، وجعل كاتب هذه السطور من دعاة التشيّع في الأردن، فلعل في هذه القصة ما فيها من رد بليغ، لأن العقل الأحادي هنا واحد، في عجزه عن التفريق بين الموقف السياسي، والموقف الطائفي.
أعلم تماما أن سر الغضبة الطائفية على كاتب هذه السطور إنما تأتي بسبب فضحه لتناقضات القوم، والتي تبدأ بالانقلاب على أساس المذهب (ثنائية الحسين ويزيد)، ذلك أن الحسين في سوريا إنما يقف مع الشعب الذي ثار ضد طاغية فاسد، ولا قيمة هنا للحديث عن الإرهاب، لأنهم وقفوا ضد ثورة الشعب وهو يُقتل في الشوارع شهورا قبل أن تنطلق رصاصة واحدة، وبوسعهم إن أحبوا أن يعودوا إلى مقابلة نائب بشار، فاروق الشرع مع صحيفة «الأخبار» التابعة لحزب الله في ديسمبر 2012، إذا أرادوا الحقيقة، مع أنهم يعرفونها جيدا.
وإذا كانت سوريا هي فضيحة القوم الأولى، ووجدوا لها مبررا يداعب عقول البعض، ويتمثل في الدفاع عن «المراقد» بعد معزوفة «الممانعة»، فقد جاء اليمن ليفضحهم أكثر فأكثر، إذ لا مراقد هنا ولا مقاومة ولا ممانعة، بل تحالف مع طاغية فاسد، ضد ثورة شعب رائعة، تمت سرقتها في وضح النهار بمسلسل من الأكاذيب، فأي فضيحة للنهج الطائفي أكثر من ذلك؟!
في كل مقال يتحدث عن الصراع في المنطقة؛ نختمه بالحديث عن التعايش مع إيران بعد أن تكفّ عدوانها، وعن تعايش بين محاور المنطقة الثلاثة (العرب وإيران وتركيا) بعيدا عن التدخلات الأجنبية، ولم نشترط لذلك أن تغير إيران مذهبها، ولا أن يكفّ خامنئي عن إقامة اللطميات السنوية فيما يسمونه ذكرى استشهاد السيدة فاطمة رضي الله عنها، على يد عمر بن الخطاب، وهي الأسطورة التي أنكرها حتى مراجع أكبر من خامنئي نفسه، كما هو حال السيد فضل الله رحمه الله.
أما المزايدة علينا في الموقف من الكيان الصهيوني وأمريكا، فلا يستحق الرد، فكل من يتابع ما نكتب منذ 4 عقود، يعرف ما نؤمن به على صعيد المقاومة، أما الاتهامات السخيفة بالتبعية لهذه الجهة أو تلك، فتافهة وساقطة. ولو كنا نبيع المواقف، لبعنا لهم، فهم الأسخى في الدفع، وقد رضينا بالستر في الحياة. ولن نغير بإذن الله، كما لن نتوقف عن نصرة الحق كما نراه من تأملنا لقرآن ربنا ونهج نبينا عليه الصلاة والسلام. وعلى الله قصد السبيل.
الدستور 2018-03-07