مسؤول : هذا سر تراجع مساعدات الخليج للأردن
المدينة نيوز:- تواجه المملكة الأردنية الهاشمية أزمة كبيرة في تراجع حجم المساعدات والمنح منها الخليجية التي يعتمد عليها الاقتصاد الأردني بشكل كبير، منذ سنوات طويلة.
ويعيش الأردنيون ظروفا اقتصادية ومعيشية صعبة، على إثر قرارات اقتصادية مؤلمة تبنتها الحكومة الأردنية في محاولة لدعم الاقتصاد الوطني في مواجهة أزمة شح المساعدات والمنح.
وأظهرت إحصائية وزارة التخطيط الأردنية المنشورة على موقعها الالكتروني، تراجع حجم المساعدات السعودية من 474.3 مليون دولار في 2015 إلى 165 مليون دولار فقط في 2017.
وعلق نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون الاستثمار سابقا، ورئيس مجلس إدارة بورصة عمان، جواد العناني، على تراجع المساعدات الخارجية للأردن قائلا: "القضية ليست فقط قضية تراجع المساعدات، وإنما قضية الظرف الكلي للاقتصاد الأردني".
وقال العناني في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن الأردن يعاني من ظروف اقتصادية صعبة للغاية، مضيفا: "الأسواق الخارجية مغلقة أمامنا الآن، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في الصادرات مقابل زيادة نسبية في حجم الواردات وما ترتب عليه من زيادة في العجز التجاري، ونقص كبير في إيرادات الحكومة".
وأضاف: "الإيرادات الداخلية للحكومة تراجعت أكثر من تراجع المساعدات الخارجية، فضلا عن الأعباء الكبيرة التي يتحملها الأردن من تزايد أعداد اللاجئين (مليون و300 ألف لاجئ سوري ونصف مليون لاجئ من جنسيات أخرى) وهذا العدد الكبير من اللاجئين مرهق جدا للاقتصاد الأردني".
وأشار العناني إلى أن "الظروف الاقتصادية الحالية لدول مجلس التعاون الخليجية ليست سهلة، فحجم الإنفاق يتزايد بشكل كبير وسط تراجع في مواردها النفطية نتيجة تدني أسعار النفط، فضلا عن كلفة الحرب الاقتصادية في اليمن، ما دفع دول الخليج إلى تطبيق سياسات تقشفية على الموازنات العامة لها، ولجوء بعض الدول الخليجية لأول مرة في تاريخها إلى فرض ضرائب على المبيعات وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، فضلا عن تخفيض الدعم عن المشتقات النفطية والمياه والكهرباء وخلافه".
وأكد العناني بأنه لا توجد دولة عربية الآن لا تفكر في إعادة ترتيب بيتها الاقتصادي بشكل أساسي، لافتا إلى وعد وزير خارجية الإمارات في زيارته الأخيرة إلى عمان بأهمية مساعدة الأردن باستثمارات إضافية.
وتابع: "حرب اليمن بالنسبة للسعودية، والخصومات بين بعض الدول العربية نتيجة للخلافات على القضايا العربية كالقضية السورية والتدخل الإيراني في العراق وكذلك ما يحدث في لبنان.. كلها أزمات كلفتها الاقتصادية كبيرة جدا، لما يترتب عليها من زيادة الانفاق الأمني والعسكري".
وحول تحفظ بعض الدول على موقف الأردن السياسي، قال نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية الأسبق: "الأردن موقفه معتدل من الجميع، ولا أعرف ما هو المطلوب من الأردن أن يفعله أكثر من ذلك".
وأردف: "في موضوع القدس على سبيل المثال الأمريكان زعلوا، فهل كانوا يريدون من الأردن وفقا للوصاية الهاشمية على حماية الأماكن المقدسة، أن يوافق على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..؟ لا يمكن أن توافق الأردن على هذا أبدا لأن ظرفه الداخلي ووضعه الإسلامي يجعل هذا الأمر غاية في الصعوبة".
وفيما يتعلق بالوضع الاقتصادي الأردني، أكد المسؤول الأردني الأسبق أن ارتفاع نسبة البطالة التي وصلت إلى 19% وزيادة نسبة الفقر إلى 20% هي مؤشرات اقتصادية مقلقة وتساهم في ارتفاع نسبة الجريمة، وتتطلب حلولا عملية جادة لمواجهتها.
وأشار إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة بزيادة الضرائب على عدد من السلع وتخفيض الدعم ضغطت على إنفاق المواطن الأردني بشكل كبير، مضيفا: "ثبت خلال الأعوام الماضية أن أي زيادة في الضرائب سينعكس بنقص في إيرادات الحكومة".
وأضاف: "أنا لست مع دفع الضرائب لزيادة إيرادات الحكومة، ويجب التركيز على التنمية والنمو، فبدون نمو لا أمل"، مؤكدا أن المواطن الأردني تجاوز الحد الأقصى المطلوب منه أن يدفعه كضرائب.
ولفت إلى أن "القوة الشرائية للمواطن الأردني تتراجع عاما بعد عام ولا أمل في زيادتها إلا بخلق فرص عمل جديدة وتقليل نسبة الفقر عن طريق إحداث تنمية حقيقية ترفع من معدلات دخل الفرد والأسرة"، مشيرا إلى أن زيادة دخل الفرد 2.5% ليس له قيمة أمام ارتفاع تكاليف المعيشة إلى 4% و 5%.
ومن ناحيته، قال وزير المالية الأردني السابق محمد أبو حمور، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية، إن الاقتصاد الأردني واجه خلال السنوات الأخيرة تحديات صعبة جراء التطورات والمستجدات الاقتصادية والمالية العالمية والظروف السياسية الإقليمية الصعبة.
وتوقع أبو حمور أن يتجه الاقتصاد الأردني نحو الركود التضخمي، بسبب الإجراءات الحكومية الواسعة النطاق والتي سيترتب عليها ارتفاعا جامحا في الأسعار لا يقتصر على ارتفاع السلع التي شملتها زيادة الضريبة فقط بل ستشمل سائر السلع والخدمات.
ورفعت الحكومة الأردنية الضريبة المفروضة على مادة البنزين بواقع 6 في المئة لتصبح 30 في المئة، إلى جانب رفع سعر الخبز من 16 إلى 32 قرشا لكيلو الخبز الكبير، ومن 25 إلى 40 قرشا للخبز الصغير، وهو ما أدى اندلاع احتجاجات شعبية لرفض تلك الزيادات.