الأردن يواجه تحديات صعبة
ليس هناك دولة في الشرق الاوسط بعيدة عن شرور ما يجري فيها من تفاعلات سلبية بين دول الاقليم او القوى الدولية الفاعلة . فكل دول المنطقة تعتبر منذ عقود مسطحا منبسطا ومفتوحا لكل التداعيات والاحداث التي تشتد حينا وتستريح استراحة محارب حينا آخر؛ وفي الظروف الحالية يشتد اوار هذه التفاعلات ويزداد عدم فهم الكثير منها، حيث تتقاطع المصالح حينا وتبتعد حينا اخر بين الاقليميين والدوليين الاكثر تفاعلا مع المنطقة واحداثها، في حين ان كل اتجاهات دول المنطقة وسفنها اما تائهة اوغارقة، اوانها تحجم عن الابحار خوفا من التيه اوالغرق في بحار وامواج حيث لاخريطة اوموانئ امنة تعطي دلالة او امان.
والاردن جزء من المنطقة، وكغيره من دولها يتأثر بما يجري فيها سلبا او ايجابا . وان كان حتى الآن مُحصنا بالاستقرار والامن الداخلي من التاثر المباشر بالفوضى السياسية والامنية وعدم اليقين باشكالها الساكنة والمعلنة، التي تضرب معظم دول المنطقة .
فالاردن يواجه ثلاثة تحديات رئيسة في هذه الظروف، وهي تحديات من النوع الصعب والرئيس، وان اختلفت صعوبتها نسبيا وفقا لحدود تماسها المباشر مع المصالح الاردنية، ومع اتساع او ضيق قدرته على المناورة في ساحاتها للخروج منها سليما معافى.
واولى هذه التحديات هي تحديات داخلية يتصدرها الوضع الاقتصادي الصعب الذي يخلف وراءه ومعه اثارا سياسية بالضرورة، في غياب الخطط القريبة والمتوسطة المدى او البعيدة للخروج من الازمة الاقتصادية التي تتجدد كل عام ومع كل حكومة . . ويحتاج هذا التحدي الداخلي الى رؤية جدية وعمل مدروس وفاعل للخروج منه مهما طال زمن المواجهة مع هذا التحدي؛ لانه اكثر التحديات عمقا وخطورة.
وثاني هذه التحديات هو غموض الموقف الاقليمي ازاء ما يجري وما سيجري من احداث وخاصة في المستقبل القريب . .
وثالث هذه التحديات هو التوتر الدولي الناشئ عن خصومات عميقة ومستجدة بين الدول الكبرى، وخاصة بين روسيا التي تحاول اعادة عظمتها الدولية، وبين دول الغرب التي استقرت منذ بداية التسعينيات على مفهوم سيطرتها على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ولايبدو ان هناك مظاهر لعودة الهدوء الى الوضع الدولي؛ فسباق التسلح عاد الى السطح وبوادر الحرب الباردة بدأت تطل برأسها وبما تحمله من تحديات على الدول النامية خصوصا؛ لانها ستكون هي ساحات هذه الحرب ومن سيدفع ثمنها.
ومشكلة التوتر الدولي والشحنات المتصاعدة لاضرام النيران على الساحة الدولية وغموض قدرة دوله الكبرى على التأثير والاستجابة الديناميكية لما يجري، تطرح تساؤلات كبرى على الدول النامية ومن بينها الاردن حول كيفية التعاطي مع وضع دولي معقد كهذا؛ لان كل حركة فيه يجب ان تكون محسوبة بدقة؛ فالدول الكبرى لها ايضا حساباتها الدقيقة على المسطح العالمي ومنه بالتأكيد المسطح الشرق الاوسطي المفتوح للمنافسة والطموح والمصالح .
هذه التحديات الثلاثة صعبة ومعقدة، وتحتاج الى مواجهة ثلاثية الابعاد تجري بشكل متزامن؛ لانه لايجوز تأجيل النظر في احداها واعطاء الاولوية لغيرها، فهي متداخلة اولا، ثم لها تاثيرها المباشر على الاردن .
الدستور 2018-03-19