أبناء أمهاتهم !! .
من بين الكثير الذي كتب هذا الاسبوع عن عيد الام، والذي يستحق ان يكون عيدا للاعياد كلها، ما قاله البابا تواضروس، حين روى ذكريات من ايام الدراسة في كلية الصيدلة بالاسكندرية، فقد كان من اساتذة الكلية رجل ذهب بعيدا وعاليا في الوفاء للامومة، وكأنه يعلن العصيان على تعاليم مجتمعات باترياركية في هذا العالم الذي ورطته ايديولوجيا الذكورة بحروب ومجاعات لالآف الاعوام .
قال الاب تواضروس ان ذلك المعلم اقترح ان ينسب الانسان منذ ولادته الى الاب والام معا، بحيث يذكر اسم امه في البطاقة الشخصية اعتزازا وعرفانا، لكن ما لم يقله الاب تواضروس هو ما جرى بعد ذلك، فالنظم السياسية الباترياركية التي تُمارس فيها السلطة الاموية بلا حدود والى اقصى درجات الوصاية اضافت اسماء الامهات بالفعل الى الوثائق الرسمية للابناء لكن ليس عرفانا وتقديرا بل لاسباب منها ما هو امني، ومنها يتعلق بالالتباس الذي يحدث نتيجة تشابه الاسماء !
ومن اسوأ تقاليد الباترياركية ان الذين تنسب اسماؤهم الى امهاتهم هم الذين يتعرضون للاستخفاف واحيانا للاهانة، لأن دلالة ذلك هي ان الاب لا يستحق ان ينسب اليه الابناء، وقد يغيب عن بعض الناس ان العصر الذهبي للانوثة في التاريخ القديم كان على النقيض من المجتمع الباترياركي وتبعا لما يقوله عالم الانثربولوجيا مالينوفسكي فان اكتشاف البرونز كان بداية ما يسميه هزيمة المرأة الكبرى في التاريخ، وهناك امهات كان لهن الفضل كله في اعداد رجال ونساء من ذوي القامات السامقة والذين ساهموا في صناعة التاريخ .
والحقيقة البسيطة التي ننساها احيانا هي ان الانسان له ام واحدة من بين جميع نساء الارض، لهذا فهي جديرة بالايام كلها وليس بيوم واحد في السنة خصوصا اذا كانت من طراز تلك الام التي قالت لابنها تذكّر الغربال دائما كي تدرك الفرق بين القمح والزؤان، والكلاب لا تذبح حتى لو سمنت اضعاف ما تسمن الخراف!.
الدستور 2018-03-25