كي لا نبيع "الأوهام"!
أكد رئيس سلطة العقبة، ناصر الشريدة، أنّ الأردن يدرس بعناية الاستثمارات المطروحة من قبل السعودية فيما يتعلق بمشروع نيوم لتطوير المدينة السياحية، مع ذلك لم يوضّح الشريدة بالتفصيل طبيعة تلك الاستثمارات والفوائد المترتبة عليها.
من المعروف أنّ ولي العهد السعودي أعلن -قبل أشهر- عن هذا المشروع الاستراتيجي، الذي يمتد شمال غرب السعودية، ويتضمن أراضي أردنية ومصرية.
إلى الآن لا نعرف تحديداً حجم الاستثمار المتوقع في المشروع إقليمياً، وجديّة التوقعات بأن يحوّل تلك البقعة، الممتدة حول البحر الأحمر بين البلاد الثلاثة إلى منطقة اقتصادية خاصة تنافس المدن العالمية الكبرى، لأنّ ذلك مرتبط بشروط عديدة من الضروري توفيرها لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى المال السعودي، الذي سينفق على البنية التحتية والاستثمارات.
على أيّ حال، أردنيّاً، من الضروري أن تكون لدينا قراءة مبكّرة لهذا المشروع، وتدارس له من قبل الحكومة والخبراء الاقتصاديين، بما يتجاوز حدود الاتفاقيات مع سلطة العقبة الخاصة، وحتى الاستثمار السعودي المتوقع في العقبة، إلى إمكانية الإفادة من المشروع إقليمياً، من خلال الخبرة الفنية الأردنية أو الشركات الأردنية، كما يتوقع بعض الخبراء، الذين يرون في المشروع فرصة سانحة للأردن لتحريك عجلة الاقتصاد!
مثل هذه القراءة المبكّرة المحترفة ستساعدنا على تحديد حجم الفرصة، على أكثر من صعيد، وبناء خريطة طريق للمصالح الأردنية فيه، أو في الحدّ الأدنى التمييز بين الأوهام والتوقعات غير المنطقية والمصالح الحقيقية.
كانت هنالك أوهام عديدة جرى تسويقها على المجتمع، ولو أعدنا قراءة تصريحات المسؤولين، سواء في العقبة أو في الحكومة، خلال الأعوام الماضية، لحجم فرص العمل المتوقعة والمفترضة لكانت مشكلة البطالة الكبيرة التي نواجهها اليوم أقرب إلى الذكريات العابرة، فمع كل مشروع أو سياسات أو توجهات نسمع عن توفير 20 ألف فرصة عمل، 30 ألف فرصة عمل، وهكذا، لكننا في نهاية اليوم نجد معدل البطالة في ارتفاع غير مسبوق، وبخاصة نسبته لدى الشباب الذي يواجه مشكلة حقيقية اليوم في إيجاد فرص العمل!
كم من مشروع قرأنا وسمعنا عنه سابقاً في العقبة كان من المفترض أن يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، ومشاريع وهمية ادعى أحد الوزراء سابقاً أنّه وفر من خلالها عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب الأردني، قبل أن يعترف المسؤولون أنفسهم أنّ ذلك كان بيعاً للأوهام!
وكم سمعنا عن كلام مدبّج وجميل عن مخرجات مؤتمر لندن لدعم الدول المضيفة للاجئين، وفي مقدمتها الأردن، وكم من فرص العمل التي سيوفرها للأردنيين، من خلال الاستثمارات والدعم، أو ما يتعلّق بقواعد دولة المنشأ للبضائع الأردنية المصدرة لأوروبا، وهو الأمر الذي خصص له رئيس الوزراء حينها، عبدالله النسور، والوزراء، جلسات ومؤتمرات صحفية بوصفه مفتاحاً لتحريك الاقتصاد الأردني، مع ضغوط على الإعلام لعدم انتقاد مخرجات المؤتمر أو الترويح لها.
ثم بعد عامين من ذلك المؤتمر، يخلص تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي إلى أنّ المصانع الأردنية لم تستفد من اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ، وإلى أنّ مصنعين فقط استطاعا التصدير ضمن اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ (2016)، وذلك بحجم 1.125 مليون يورو فقط إلى كل من إسبانيا وقبرص وهنجاريا وبلجيكا.
زبدة القول، إنّنا نريد أن ندرس حقّاً ونفهم جيداً النتائج المتوقعة من مشروع نيوم، وما يمكن أن يحققه لنا، فقد شبع الأردنيون من الفهلوات الاقتصادية وبيع الأوهام سابقاً!
الغد 2018-03-26