فلسطين وقائمة الاولويات !!
من يشعرون بالصدمة مما يجري في العالم العربي، خصوصا ما يتعلق منه بالقضية الفلسطينية التي اصبحت الان بفضل التاريخ قضية فلسطين، هم فئتان، الاولى توقفت عند شعارات قومية سادت قبل اكثر من نصف قرن وصدقوا بحسن نية ما تم تسويقه اعلاميا من مبررات للعجز العربي وموازين القوى، وراهنوا على قيامة قومية قد لا تكون وشيكة، لكنها قادمة.
والفئة الثانية لم يشاهد افرادها الطائرة منذ لحظة الاقلاع، فاصبح عسيرا عليهم تتبع مسارها بين الغيوم بعكس من شاهدوا الطائرة لحظة الاقلاع وتابعوها الى ان حلقت عاليا ثم سقطت ولم يستطع احد حتى الان ان يعثر على صندوقها الاسود، ان كان لديها صندوق!
التخلي العربي عن فلسطين تم على جرعات وبتدرج يتيح للناس ان يتأقلموا مع العدّ التنازلي لهذه القضية، التي لم تعد محورية او مركزية لأن الانقلاب الذي حدث لقائمة الاولويات لم يضعها في نهاية القائمة فقط، بل حاول حذفها، والمسؤول عن سوء الفهم العميق لهذه القضية عربيا وليس عالميا هو التثقيف احادي البعد حولها، بحيث شعر الكثير من العرب ان ما اصابهم من فقر وتخلف كان بسبب انشغال دولهم بفلسطين والحقيقة عكس ذلك، فهي عنصر تحريضي على النمو والتوحيد كما انها جغرافيا وتاريخيا وعقائديا ليست شجنا فلسطينيا فقط وان كان اوسلو قد اتاح لمن يريد ان يغسل يديه من القضية ان يجد الذريعة.
اما المقولة الملغومة والحق الذي يراد به باطل فهي ان العرب يرضون بما يرضى به الفلسطينيون، وهذا بحد ذاته استقالة واهية الاسباب من القضية وحمولتها الباهظة تاريخيا واخلاقيا، فالمقدسات في فلسطين ليست مقتنيات لمن يعيشون فيها وحولها، والامن القومي العربي الذي تآكل لا معنى له بمعزل عن هذه القضية، لأن فلسطين ليست من بلاد واق الواق او جزيرة متنازع عليها في المحيط الهادي!!
الدستور - الأحد 8/4/2018