حرب الأعصاب الذكية

تم نشره الأحد 15 نيسان / أبريل 2018 12:56 صباحاً
حرب الأعصاب الذكية
د ياسر الطويسي

يبدو أن حرب الأعصاب الغربية كانت أذكى من الصواريخ التي أسقطت على مواقع سورية فجر السبت، فقد جاءت الضربة محدودة ورمزية، وهدفت الى تفريغ الشحنات السياسية التي أشعلها الرئيس الأميركي ورئيسة الوزراء البريطانية، ربما لأهداف داخلية ودولية، فيما سوف نسمع من الدعاية الغربية والعربية والإيرانية، الكثير خلال الأيام المقبلة.
صحيح أن الكلمات كانت أقوى من الطلقات هذه المرة، لكن الى هذا الوقت لا ندري ما هي طبيعة التفاهمات التي حدثت في اللحظات الأخيرة بين العواصم الغربية وموسكو، التي وصلت الى الاكتفاء بضربات محدودة لأهداف عسكرية سورية تقليدية ومكشوفة والابتعاد نهائيا عن أي أهداف روسية أو إيرانية أو حتى أهداف لحزب الله، على الرغم من أنه يندر وجود مواقع عسكرية أو استراتيجية سورية لا يوجد فيها الروس أو الإيرانيون أو عناصر حزب الله؛ هذا يعني أن بنك الأهداف الكلامية والدعائية حرق أعصاب العالم أكثر مما فعلت الصواريخ.
كان من المتوقع أن الولايات المتحدة لن تذهب بعيدا في التصعيد مع الروس في مواجهة عالمية، لكن من الواضح أن الرئيس وبعض المؤسسات قد استثمروا في الحالة السورية لتفريغ شحنات سياسية ذات صلة بالعلاقات الروسية الأميركية والروسية الغربية، وقد لا يكون كل التصعيد الدعائي الغربي خلال الأيام الماضية، مرتبطا بالكامل بالأوضاع السورية، فالمندوبة الأميركية في مجلس الأمن تزعم أن السلاح الكيماوي استخدم في سورية خلال السنوات الأخيرة خمسين مرة من قبل؛ فأين كنتم! الأمر الآخر الذي من المحتمل أن حرب الأعصاب الأخيرة قد مررته، هو بداية نهاية التدخل الأميركي المباشر في سورية، وهذا الاستنتاج يبنى على الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية والتي تعني عمليا نهاية جانب مهم من النفوذ الغربي على الأرض في سورية، وربما بداية تبلور مسار رابع للتسوية السياسية غير مسارات جنيف واستانة وسوتشي.
الوجهة الأخرى، تتعلق بالموقف الإسرائيلي واحتمالات أن يكون القادة الإسرائيليون هم من أسهم في التحريض وفي زيادة جرعات حرب الأعصاب، التقديرات الاستراتيجية تختلف في تقييم الموقف الإسرائيلي، فثمة اتجاه يرى أن الرؤية الإسرائيلية قامت على مبدأين طوال الأزمة السورية؛ الأول إبقاء إسرائيل بعيدة عن أي تدخل مباشر في الصراع، والثاني  عدم السماح لحزب الله باستخدام حربه في سورية لتعزيز قدراته العسكرية واتخاذ مواقف لوجستية تعزز من قدراته على مواجهة إسرائيل من أرض جديدة، وفي الوقت الذي صمدت فيه هذه الرؤية على مدى السنوات السبع الماضية، وحققت مكاسب استراتيجية كبيرة لإسرائيل، إلا أنها في المقابل عززت من مخاوف إسرائيل الفعلية حيال قوة حزب الله واقتراب إيران على الأرض.
حرب الأعصاب الجديدة؛ تتداخل فيها العوامل الدولية والإقليمية بقوة كبيرة، ويسودها غموض استراتيجي وتراجع للوضوح الأخلاقي، في حرب الأعصاب قد تدور الكلمات والتهديدات في مكان ما، بينما الطلقات والضربات تقصد أماكن أخرى، هكذا يحدث عندما يعترك الكبار.

الغد - الاحد 15/4/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات