على باب غزّة !!
لأن غزة مدينة وميناء ولدت وستبقى توأم البحر، ولأن غزة ليست غُزة التي قال شاعرها انه مجرد ظل وصدى لها يغزو اذا غزت ويرشد اذا رشدت فهي الان وحيدة، لكنها وحدة الرمح العاري وان كانت تتعدد في وحدتها كي تبرهن في كل لحظة على جدارتها بالحياة.
وغزة ليست قبيلة كي ينتسب اليها شعراء غُزيّة، لهذا فهي تنزف بصمت وكبرياء، ولم تعد تستغيث بغير اهلها، لأن سعاة البريد وسماسرة الانترنت اعادوا الرسائل بحجة انهم لم يعثروا على المرسل اليه. والمرسل اليه هو العربي الذي غيّر اسمه وعنوانه كي ينجو، وتناسى امثولة الثور الابيض وحماقة سعد الذي يتصور انه سوف ينجو بعد هلاك اخيه سعيد!
ومنذ سال على شاطئها لعاب الذئب وهي تودع رجالا ونساء واطفالا وبيوتا، لكن البيوت ايضا تقاوم لأن اطلالها تقدم ذخيرة من الحجارة لمن قرروا ان يقولوا لا في زمن نعم، وان من نراهم على مدار الساعة محمولين على الاعناق وعيونهم مفتوحة نحو السماء ليسوا من كوكب آخر او من جنس آخر، فهم عرب بالقلب والروح وليس باللسان فقط !
لم يحدث من قبل ان انتج العرب في اردأ ازمنة الانحطاط مثل هذا التخلي والخذلان، ومن يريد ان يغسل يديه ويطفىء جمرة ضميره في البحر لن يعدم الذرائع، وسوف يبرر تخليه وبمعنى ادق نذالته واستقالته من آدميته وقوميته ودينه بشتى الاسباب، لكن المشهد الساطع تحت اضاءة حارقة لا يُتيح حتى للعميان انكار ما يجري وهو ببساطة اطفال ورجال ونساء من صلب هذه الامة، وممن رضعوا تاريخها وثقافتها منذ لثغوا بأول حرف وتعلموا ان امهم تجوع ولا تأكل بثدييها وان التجويع لا ينجب دائما التركيع والتطبيع، وقد ينجب براكين ضاق بها باطن التاريخ وليس باطن الارض. أم المطلوب من غزة ان تصغر كثيرا وتصبح غُزيّة !!
الدستور - الاثنين 23/4/2018