اسباب تبطل العجب !!
ما حدث في عالمنا العربي خلال اقل من عشر سنوات، كان يحتاج بالايقاع التقليدي لا المتسارع المحموم الى قرن على الاقل، سواء من حيث انحلال منظومات من القيم والمفاهيم ومن حيث تفكيك دول وتدمير بلدان قد تحتاج اعادة بنائها وتأهيلها الى عشرات السنين.
والحقيقة ان ما حدث لم يكن وليد البارحة او نبتا شيطانيا بل هو اشبه بالاحتضار الذي يعقب مرضا تفاقم طويلا وافقد الجسد المناعة، ولو كان لعلماء النفس والاجتماع ولو هامشا في هذا الضجيج الفضائي لربما فسروا لنا هذه الظاهرة الاشبه باحجية، والارجح ان هناك استراتيجيات سعت الى تجريف وتفريغ وتسطيح حياتنا ونحن آخر من يعلم، وقد تكون بداياتها قبل خمسة عقود على الاقل، وسواء اطلق على تلك الاستراتيجيات اسم المؤامرة او اي اسم آخر، فالاهم هو ما انتهت اليه من نجاح تجسد في تعميق التخلف وتجذير الامية السياسية وتفاقم ازمة الثقة بين الافراد وبين الفرد وذاته ايضا!
ومراجعة سريعة وانيقة لما ساد من ثقافة خلال تلك العقود بدءا من الكتاب والمجلة حتى السينما والمسلسلات التلفزيونية والاغاني الاكثر رواجا قد تحسم الامر وتتيح لنا ان نلامس باصابعنا العفن الذي يطفو على السطح ويزكم الانوف.
فما حدث لم يكن ابنا بلا اب او دخانا بلا نار، انه نتاج طبيعي لأنماط جرى تسويقها من ثقافة الاستهلاك، والقطعنة، ولو قرأ الناس ما كتبه باحثون من امثال هشام شرابي وصادق العظم وسيد ياسين ومصطفى حجازي وغيرهم عن سايكولوجيا القهر والهدر لربما تنبهوا قبل فوات الاوان لما ينتظرهم ويتربص بهم، لكنهم كانوا في مكان آخر وفي زمان آخر ايضا، فلم تصل الرسائل الى المرسل اليه، لهذا فإن ما نضرسه من علقم وحصرم وحصى هو حصاد ما زرعناه بأيدينا !!
الدستور - الاحد 13/5/2018