مفارقـات وعلامـات اسـتفهام
هناك ظواهر ، أرقام ومعلومات مالية ، تدعو أحياناً للدهشـة وتتطلب تفسـيراً. وعلى سبيل المثال تعلن معظم البنوك والشركات المساهمة عن تحقيق أرباح تزيد عما تحقق في نفس الفترة من العام الماضي بنسب متفاوتة ، ثم تأتي دراسة جماعية لتقول أن مجمـوع أرباح الشركات يقل عما كان عليه في العام الماضي ، فهل يعـود ذلك إلى أن الشركات الخاسرة تلوذ بالصمت ولا يظهر تأثيرها إلا في المسوحات الجماعية.
ويقول وزير المالية باعتزاز أن الإيرادات المحلية خلال الشهور العشرة الأولى من هذه السـنة تغطي 92% من النفقات الجارية للحكومة ، وبالرجوع إلى الأرقام تبين أن ما حدث ليس إنجازاً ، لأن نسبة التغطية في نفس الفترة من السـنة الماضية كانت تزيد عن 97% ، والتي لم تكن سـنة جيـدة كما هو معروف.
وتستمر الضجة الإعلامية التي تنتقـد البنوك الأردنية لأنها متشـددة ولا تقـدم التسهيلات الكافية لتمويل نشاطات العملاء. ثم تظهر الأرقام الرسمية ليتضح أن حجم التسهيلات المصرفية هذه السنة ارتفع بنسبة 5ر9% عما كان عليه في نهاية السنة السابقة ، وأن الزيادة الصافية في التسهيلات بلغت 2ر1 مليار دينار ، وبمعدل يزيد عن معدل النمو الاقتصادي العام ومعدل التضخم ، فهل يعود ذلك لكون المستفيدين من التسهيلات المصرفية يلوذون بالصمت فلا نسمع سوى أصوات المقترضين غير المؤهلين الذين ترفض البنوك إقراضهـم. ليس غريباً والحالة هذه أن يقول رئيس جمعية البنوك إن مشكلة التسهيلات المصرفية تكمن في جانب الطلب (المقترضون) وليـس في جانب العرض (البنوك). والواقع أنه لا توجد مشـكلة للبحث فيما إذا كان سببها العرض أم الطلب.
الإمارات العربية تعاقدت مؤخـراً على بناء عـدة مفاعلات ذرية بكلفة عشرة مليارات من الدولارات لكل مفاعل ، في حين أن هيئة الطاقة الذرية عندنا تقـدّر أن كلفـة المفاعل لن تزيد عن مليارين من الدولارات ، فما تفسير هذه المفارقة ، وما هي الكلفة الحقيقيـة لمشروع المفاعلات ، وما قيمة الكهرباء التي سينتجها.
كنا نعبـّر عن تفاؤلنا ونقـول منذ مـدة طويلة أن سـنة 2010 ستكون سنة انتعاش اقتصادي وتحسـن ، وكان غيرنا يصر على أنها سنة صعبة. نجد من واجبنا الآن أن نعترف بأن أنصار السنة الصعبة نجحـوا في جعلهـا سنة صعبة ، بل أصعب ببعض المقاييس والمؤشـرات من سـنة الأزمة 2009. (الرأي)