الهدوء مقابل الهدوء
بعد أن رفع ليبرمان وزير دفاع الكيان سقف التوقعات بالتصعيد في قطاع غزة معززا بتصريحات وزير الاستخبارات والأمن بن كاسيت؛ عاد الهدوء فجأة إلى قطاع غزة؛ وانكشفت حقيقة التهديدات الإسرائيلية؛ فالكيان غير معني بالتصعيد مع قطاع غزة؛ وغير قادر على تحمل كلف حرب معقدة لن تقتصر على إطلاق الصواريخ والمواجهات المسلحة بل ستترافق على الأرجح معه مسيرات سلمية للعودة ما سيعقد مسار المواجهة على الأرجح.
وزير الطاقة الإسرائيلي أمام هذا الفشل عاد ليطرح بقوة اكبر إنشاء ميناء لقطاع غزة كمنفس بحري باتجاه قبرص؛ يخضع لرقابة مشددة؛ فوزير الطاقة يعتبر الحصار سببا مباشرا لتكرار المواجهات مع المقاومة الفلسطينية؛ ويعتبر الجهود لمحاصرة القطاع وخنقه سببا لانفجار امني وسياسي اكبر واخطر.
خيار التصعيد الإسرائيلي لم يكن خيارا حقيقيا؛ بل استعراضا داخليا أمام اليمين المتطرف الذي شعر بالخذلان بعد قبول جيش الكيان والقيادة السياسية لشروط المقاومة والعودة إلى تفاهمات 2014؛ خذلان يكشف الموازين الحقيقية بعيدا عن الخطابات الشعبوية الصهيونية والبرامج والمشاريع الخرافية لنتينياهو في الإقليم؛ فالتقارب مع المتصهينين العرب والتطبيع والحديث المتواصل عن صفقة القرن لم يغير على ارض الواقع شيئا ما دام الفلسطينيون والمقاومة تحديدا الطرف المبادر والقادر على الفعل؛ لا المطبعون والمتصهينون في العالم العربي.
المواجهة الأخيرة كشفت حقيقة راسخة بأن الكيان عاجز أمام المقاومة وغير قادر على فرض إرادته؛ غير أن وجود قوى إقليمية عربية وقيادات متصهينة يشجع الكيان الإسرائيلي على الاستمرار في سياسة الحصار والتجويع والاستيطان؛ أمر لن يصمد طويلا ما دام هناك روح للمبادرة لدى المقاومة الفلسطينية.
فطموحات القيادة الصهيونية ومن معها من حلفاء سرعان ما تتبدد وتتحول إلى مخاوف وأثمان لا يرغب الكيان بدفعها لصالح حلفاء إقليميين يريدونهم أن يقاتلوا عنه لينعم بالهدوء؛ ففي أعقاب كل مواجهة يسارع الكيان إلى البحث عن سبيل للوصول إلى هدنة مع قطاع غزة ومقاومتها؛ ما يجعل معادلة الهدوء مقابل الهدوء معادلة حقيقية ولكنها بمبادرة من المقاومة الفلسطينية وعلى قاعدة جديدة تقوم على القبول بالنشاطات الفلسطينية السلمية وعدم استهدافها سواء بر أو بحر وهو شرط جديد للهدوء سيتكرس بمرور الوقت.
السبيل - الخميس 31-5-2018