عطوان يكتب عن قرار الملك إقالة الملقي وعن احتجاجات الأردن
المدينة نيوز - : قال الكاتب عبد الباري عطوان في مقال له نشر اليوم الثلاثاء إن القِيادَة الأُردنيّة تَصرَّفت بِطريقةٍ حَضاريّةٍ مَسؤولةٍ بإقالة حُكومَة الملقي وتَعيين الرزاز رَئيسًا جَديدًا للوُزراء.." .
أضاف معلقا بأن الأُردن مُستَهدف.. ولكنّه لن يَرْكَع.. وسَيُقاوِم مَشروع الوَطن البَديل..
وتاليا أبرز ما ورد في مقال عطوان :
مُبادَرة العاهِل الأُردني الملك عبد الله الثاني بإقالة حُكومَة السيد هاني الملقي التي أدَّت سِياساتها الاقتصاديّة إلى استفزاز المُواطِن الأُردني، ونُزول عَشرات الآلاف مِن أبنائِه إلى الشَّارِع، والميادين العامّة احتجاجًا على قانون ضريبة الدَّخل، ورَفع أسعار السِّلع الضروريّة، تُشَكِّل خُطوَةً حضاريّةً تَستَحِق الاهتمام وتَعْكِس حِرْصًا على الاستماع للرأي العام والتَّجاوب مع مطالِبِه المَشروعة، والحِفاظ على أمن البَلد واستقرارِه.
الأُردن مُستَهدف من قِبَل جِهاتٍ عديدة، لأنّه حاول اتِّباع سِياساتٍ مَسؤولةٍ في العَديد من الملفّات السَّاخِنة في المِنطَقة، وخاصَّةُ ملف تهويد مدينة القُدس ومُقدَّساتِها المسيحيّة والإسلاميّة، وتَحويلها إلى عاصمةٍ أبديّةٍ لدَولة الاحتلال الإسرائيلي، ورَفْضِه لصَفقة القرن التي تُشَكِّل تصفية للقضيّة الفِلسطينيّة، وطَمْسًا لحق العَودة، وكُل الثَّوابِت الأُخرى.
وقال :
الأُردن يُعاقَب لأنّه فضل البَقاء بعيدًا عن المُخطَّطات التي تَصُب في مُحصِّلة تفتيت الأُمّة العَربيّة، واستنزاف ثَرواتِها وبأوامِر أمريكيّة.
تعيين الدكتور عمر الرزاز رَئيسًا جديدًا للوزراء هذا الرَّجُل الذي يَمْلُك رصيدًا كبيرًا لدى الشَّباب الأُردني بسبب نزاهته وإنجازاتِه التي تُشهَد له في مُعظَم المَهام التي تولّاها، وآخرها وزارة التربية والتعليم، يُشَكِّل نَقلةً نوعيّةً مُهِمَّةً على طريق الإصلاح وتَصويب البَوصلة لتَحقيق المَطالِب الشَّعبيّة المَشروعة والسَّير نَحو مُستَقبلٍ واعِد بالأَمن والاستقرار.
الشَّارع الأُردني الذي أنهَكته الضَّرائِب، وارتفاع مَنسوب الغلاء، باتَ في حاجَةٍ ماسَّةٍ إلى حُكومةٍ تتجاوَب مع آمالِه، وتَطلُّعاتِه، وتتفهَّم مطالبه، ويَعتقِد الكثيرون، ونحن من بينهم، أن الحُكومة الجَديدة قد تُحَقِّق لهُ الكثير من طُموحاتِه ومطالِبه هذه إذا ما أُعطِيت لها الفُرصة، والصَّلاحيّات اللازِمة والضَّروريّة لإنجاز برامِجها في هذا الإطار.
القِيادة الأُردنيّة التي لَبَّت مطالب مُواطِنيها وأقالت حكومة، تَغوَّلت في تَحميلِه مسؤوليّة سِياساتِها الجِبائيّة المُرهِقة، تَعرِف، وتَعترِف قَطعًا بِمَواطِن الخَلل.
وقال :
نُضيف نُقطةً أُخرى مُهِمَّة، وهي أنّ تَوريط الأُردن في الحَرب السوريّة أدَّى إلى نتائِج سلبيّة أبرزها تَدفُّق أكثر من مليون ونِصف المَليون سوري إلى أراضيه، وإغلاق حُدود كان يَدُر فتحها حوالي 400 مليون دولار سَنويًّا من جرّاء الرسوم وغيرها، فلماذا لا تَبْذُل السُّلطات الأردنيّة كُل الجُهود المُمكِنة لإعادة فَتح هذه الحُدود، وبِما يُؤدِّي إلى تَدفُّق البَضائِع في الاتِّجاهين أوّلاً، وعودة عَشرات الآلاف من اللاجئين ثانِيًا، خاصَّةً أن مرحلة إعادة الإعمار باتت وَشيكةً، والشَّرِكات الأُردنيّة يَجِب أن تَحرِص على انتزاع حِصَّتها كامِلَةً فيها.
الأُردن كان دائمًا عُنوانًا للاستقرار في المِنطَقة، ولم يُغلِق حُدوده مُطلقًا في وَجه كُل إنسانٍ مَظلوم يَلجَأ إليه بَحْثًا عن الأمن والعَيش الكريم، سواء جاء من العِراق أو فِلسطين أو سورية أو اليمن، وضَرب المَثل في التَّعايُش بين الأديان والمذاهِب والأعراق، دُون أي تَفرِقة، ولذلك يَستَحِق مِنّا كُل الدَّعم والمُسانَدة للخُروج من هذهِ الأزمة، وكُل الأزَمات لا قَدَّر الله في المُستًقبل، وكاتِب هذهِ السُّطور لا يُمكِن أن يَنْسَى فَضل الأُردن عليه، وعلى مِئات الآلاف من أمثالِه.. وهَذهِ قِصَّةٌ أُخرَى.