بالحكمة والفكرة والقدرة.. نحو أردن خالٍ من الفقر..
![بالحكمة والفكرة والقدرة.. نحو أردن خالٍ من الفقر.. بالحكمة والفكرة والقدرة.. نحو أردن خالٍ من الفقر..](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/67713.jpg)
استطاعت النمور الآسيوية أن تقهر الكثير من التحديات الكبرى على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وأن تبني نماذج اقتصادية متميزة في فترات قصيرة نسبياً، ولعل في ضعف اقتصادات بعض تلك الدول وتراجع نموها في مراحل معينة تعود إلى عدة عقود إلى الوراء، ما أدى إلى قبول التحدي ومواجهته والإصرار على قهره.. وقد عرفنا بعض هذه الاقتصادات حين كانت تترنح في مؤخرة اقتصادات الدول النامية، من كافة النواحي، لكنها اليوم تقف شامخة وقد حققت سبقاً اقتصادياً ملموساً ونموذجاً رفيعاً في النمو، فاق كل التوقعات..
بالأمس أعلنت ماليزيا أن عاصمتها كوالالمبور أصبحت مدينة خالية من الفقر المدقع، بعد أن كان الفقر ينخر فيها بلا رحمة وبلا هوادة، واليوم يشكّل الاقتصاد الماليزي أحد أهم الاقتصادات الشرق آسيوية.. فثمّة حكمة وثمة فكرة وثمة قدرة استطاعت مجتمعة أن تحقق المعجزة الاقتصادية الماليزية، حيث حقق الاقتصاد الماليزي معدلات نمو عالية على مدى الأربعة عقود الماضية، وتبنّت الحكومة الماليزية سياسات اقتصادية هدفت إلى توزيع الدخل على كافة طبقات المجتمع، مما أسهم بشكل واضح في تضييق دائرة الفقر، كما عملت على زيادة نسبة التعليم، والارتقاء بالقطاع الصحي.. ودعمت الحكومة خطتها الاقتصادية بالتركيز على استقطاب استثمارات خارجية من الولايات المتحدة واليابان، ولم يكن الهدف هو تحريك رأس المال أو التشغيل الوطني، بقدر ما كان نقل التكنولوجيا إلى الأيدي العاملة الوطنية، هو ما مكّن ماليزيا من امتلاك أدوات تصنيع متقدمة في المجالات الإلكترونية والكهربائية، حتى أصبحت صادراتها التكنولوجية تشكّل رقماً مهماً من حجم ناتجها المحلي الإجمالي، ولم تفتر عزيمة المخطط الماليزي عن الاستثمار في التكنولوجيا، بل ساعد النجاح تلو النجاح على حفز الحكومة الماليزية على تبني خطة اقتصادية قائمة على الاقتصاد المعرفي..
جميل جدا هذا النجاح الذي حققته ماليزيا التي كان الفقر والتخلف الصحي والتعليمي والاجتماعي يعصف بها قبل عدة عقود، وها هي اليوم تعلن عاصمتها مدينة مأهولة خالية من الفقر المدقع..!!
ما أحوجنا إلى دراسة التجربة الماليزية، وقد كان بإمكان معظم أقطارنا العربية أن تشكّل نموذجاً أفضل منها، إذْ كان حالها وكانت أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والتقنية أفضل بكثير من حال ماليزيا قبل أن تبدأ الأخيرة بتنفيذ سياسات اقتصادية حاذقة، أخرجتها من دائرة الدول ذات الاقتصادات البائسة إلى دائرة الدول ذات الاقتصادات الحية النابضة..
أؤمن بأن بإمكاننا في الأردن أن نحقق أفضل مما حققه النمر الماليزي، إذا امتلكنا أدوات التغيير الثلاث وأعملناها مجتمعة: الحكمة والفكرة والقدرة.. وأظننا نمتلكها، والمطلوب مزيد من التركيز والتفكير والعمل وقليل من الكلام.. فنحن نتطلع إلى أردن خالٍ حقاً من الفقر..أردن لا ينفق فيه أفقر 10% من مواطنيه ما يقرب من 3,4% من حجم الإنفاق الكلي بينما يُنفق فيه أغنى 10% ما يزيد على 27% من حجم هذا الإنفاق..! معادلة قاسية مؤلمة.. لكنها قابلة للتعديل أو الكسر..!!