مفاصل تاريخية
كان ذلك في شهر تموز من العام ١٩٩١، حين زار وزير الخارجية الأميركية جيمس بيكر دمشق في اطار التحضير لمؤتمر مدريد للسلام، فالتقى الرئيس السوري حافظ الأسد الذي باغته بالقول: إذا لم ينجح المؤتمر لسبب التعنت الاسرائيلي فلا تستغرب أن تلتقيني في المرة المقبلة وقد أطلقت لحيتي!
كان يقصد المدّ الديني الآتي إلى المنطقة بعد حرب عاصفة الصحراء، وفي حقيقة الأمر فإنّ ما توقعه الأسد حصل فعلاً، فالمؤتمر فشل وسرعان ما انسحبت سوريا من العملية، فوصلنا إلى أوسلو التي فشلت أيضاً، ثمّ إلى احتلال بغداد، فالحروب الأهلية العربية وخلال ذلك كلّه كان “المدّ الديني” هو الواقع الذي لا يمكن انكاره.
ذلك كان مفصلاً تاريخياً، تحوّل “المدّ الديني” فيه من الاعتدال إلى التطرف، ومن العملية السياسية إلى الجهادية المسلحة، وبصرف النظر عن الاسباب المحلية والاقليمية والدولية، فإنّ الأثر كان مدمّراً ويتطلب سنوات وسنوات لإعادة ترميمه.
نعيش هذه الأيام في مفصل تاريخي جديد، تتبدّل فيه المواقع والمواقف، على أرضية ما يسمّى بـ”صفقة القرن” التي تأتي في ظلّ ظروف تعرف واشنطن وتل أبيب أنّ الطرف العربي الرسمي فيها مهشّم وجاهز للقبول، ليبقى السؤال الحائر هو: من سيحتل مكان “المدّ الديني” المتطرف في الشارع العربي؟
السبيل - الاثنين 9/7/2018