الشبول: لا بد من حماية المجتمع من سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي
المدينة نيوز :-- دعا عضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب فيصل الشبول، وسائل الاعلام والاعلاميين والاكاديميين ورجال القانون "قبل الحكومة والبرلمان" الى البحث عن وسائل حماية المجتمع من الرسائل السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، مع عدم إغفال حق الرأي العام الدستوري في المعرفة وحماية حرية التعبير.
وأشار الشبول في محاضرة ألقاها في معهد الإعلام الأردني بعنوان "وسائل الإعلام في مواجهة التواصل الاجتماعي" بأن "طغيان الرسائل السلبية ومضامين التطرف لدى وسائل التواصل الاجتماعي ساهم بإيجاد بيئة عربية حاضنة للعنف والكراهية خصوصا منذ مطلع العقد الحالي حيث الحروب والفتن، والأخطر من ذلك ان بعض تلك المضامين باتت تتسرب الى الصحافة مما جعلها شريكة في الاثم احياناً".
وضمن تلك المطالبة اقترح الشبول إيجاد مشروع وطني تتولاه وسائل الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني المعنية والحكومة ومجلس الأمة يتضمن انشاء مرصد يكون على اتصال مع شركات التواصل الاجتماعي لرصد الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية والمضامين اللأخلاقية، مستفيداً من تجربة مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد".
كما يتضمن ذلك المشروع ايجاد تشريع جديد او تعديل التشريعات القائمة يُحدد فيها السن القانونية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وتحديد العقوبات لمسيئي استخدام تلك الوسائل، وكذلك مكافحة التهرب الضريبي و استنزاف العملة الصعبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والاسراع في تأسيس مجلس الشكاوى الذي نصت على تأسيسه الاستراتيجية الوطنية للإعلام الاردني.
وحسب مدير عام وكالة الأنباء الأردنية السابق، فإن ذلك يأتي من "أهمية الحفاظ على حق الناس في المعرفة والحصول على المعلومة الصحيحة وما يتطلبه ذلك من تعزيز حرية الاعلام وحق الناس في التعبير وليس كبت الحريات والتضييق على وسائل الاعلام او على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأشاد الشبول في المحاضرة التي حضرها عدد من السياسيين والإعلاميين والصحفيين وطلبة المعهد، بإسهامات وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز الحرية الشخصية والحريات العامة ومهارات التواصل والتخاطب واثراء المعرفة وسهولة الوصول الى اصحاب القرار والشخصيات العامة وقادة الرأي وتبادل الثقافات، لكنه استدرك بأن "الاستخدام السلبي لهذا المنجز الانساني وضع البشرية في مواجهة واقع صعب واصبح العالم يبحث عن حلول وفقاً لثقافة كل مجتمع وموروثه ومنظومته القانونية".
وربط الشبول بين ما يحدث اليوم على منصات التواصل الاجتماعي وبين بداية ظاهرة المواقع الالكترونية وكيف أسهم التنافس فيما بينها "بتجاوز الخطوط الحمراء قانونياً واجتماعياً واخلاقياً عبر التعليقات المسيئة تحت اسماء صريحة او وهمية وعبر نشر الاخبار الكاذبة والخوض في الخصوصيات"، مشيراً إلى أن "تعديل مادة في قانون المطبوعات والنشر حمل مسؤولية النشر والتعليق لرئيس التحرير حَد كثيراً من تلك الظاهرة الخطيرة التي لو استمرت كما كانت لدفعنا ثمناً اكبر مما دفعنا على مختلف المستويات".
و"لئلا نضيع الفرصة مرة اخرى، ولكي نتقدم ولو خطوة صغيرة الى الامام، عبر جسر الفجوة مع العالم المتقدم من حولنا"، وفق الشبول "فأن علينا التفكير بصوت عال وان نعمل معاً بصرف النظر عن تباين مواقفنا من اجل مواجهة الواقع الجديد والعبور نحو مستقبل افضل ومؤازرة اجيالنا القادمة ومساهمتها في المشهد الانساني المتغير المتقلب".
وتساءل الشبول عن "كيفية التعامل مع الواقع الجديد من دون المساس بحق العامة في ابداء الرأي والتعبير عن مواقفها وآرائها؟".
وللإجابة على التساؤل، قال الشبول بأن "علينا ان نقتدي بالمجتمعات والدول المتقدمة علينا تكنولوجياً وديمقراطياً وحضارياً في مواجهتها لسلبيات هذه الثورة، فالأولى ان ندرس تجارب دول تصنف ضمن مراتب متقدمة في الحريات الإعلامية مثل السويد والنرويج وفرنسا وبريطانيا، لا ان نلحق بدول حجبت خدمات الانترنت او حجبت بعض وسائل التواصل الاجتماعي او محركات البحث او تطبيقات الهواتف الذكية".
وبين الشبول أن هناك "مخالفات مهنية تقع بها وسائل الإعلام أحياناً، إلا أنها تخضع للمحاسبة سواء من هيئات التنظيم الذاتي أو السلطات الحكومية أو المحاكم حسب أنظمة كل دولة، "اما تجاوزات وسائل التواصل الاجتماعي فلم يتوحد العالم حتى اليوم في ايجاد صيغة او صيغ تشريعية كافية للحد من الضرر الكبير الذي مس الامن الانساني برمته".
واعتبر الشبول أن "الصحافة بشكل خاص ساهمت في الأزمة التي تعيشها، عبر لجوئها الى وسائل التواصل في الاتجاهين: اطلاق منصات للصحف على وسائل التواصل، واعادة نشر مضامين من وسائل التواصل دون تدقيق في مضمونها".
وحول سوق الإعلان الداعم الرئيس للصحافة، قال الشبول إن الصحافة ووسائل الاعلام المحلية "نسيت أن غالبية حصتها من سوق الاعلان رغم محدودية السوق المحلية باتت تذهب الى وسائل التواصل الاجتماعي فراجت هذه الأخيرة على حسابها بل وتفوقت عليها في المجمل بدليل تعامل الرأي العام مع احتجاجات الثلاثين من ايار الفائت وما تلاها".
وأستدل الشبول على ذلك بأن "هيئات التنظيم الذاتي للصحافة السويدية اكتشفت أن ما نسبته 64% من حصة الصحافة في سوق الاعلان قد باتت تذهب الى وسائل التواصل الاجتماعي ، لذلك فقد طالبت بوضع تشريع يحمي الصحافة السويدية".
وخلص المحاضر إلى أن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تعتمدان على بعضهما البعض في نشر الأخبار، لكن الفرق بينهما أن "وسائل الاعلام تتحفظ في كثير من الاحيان في اعادة النشر نظراً لمحظورات النشر القانونية والاخلاقية التي تلتزم بها، فيما وسائل التواصل الاجتماعي ليس لديها مثل تلك التحفظات وبالتالي فإنها تعتبر اعادة نشر محتوى وسائل الاعلام آمناً، وبالنتيجة صارت وسائل التواصل الاجتماعي اكثر رواجاً واستحوذت على اعلانات السوق وغدت منافساً حقيقياً لوسائل الاعلام، والأدهى أنها أصبحت مصدراً خطيراً للإشاعة والاخبار الكاذبة وخطاب الكراهية".
وفي ختام المحاضرة دار نقاش مع الحضور، حيث طالب الشبول بضروة التحرك لدعم وسائل الاعلام المحلية الجادة والملتزمة ولا سيما الصحافة الورقية أسوة بالدول المتقدمة في دعم الحريات العامة التي تعتبر دعم الصحافة دعماً للديمقراطية وحق مواطنيها في التعبير والمعلومات واسوة بدعم الأحزاب السياسية لحماية المجتمع من المحتويات السلبية للتواصل الاجتماعي.
--(بترا)