الطراونة : قانون الانتخاب يعيق رقابة نواب على الحكومة
المدينة نيوز:- أكد رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة أن النظر إلى كُتب التكليف السامي وخُطب العرش السامي يستوجب منا ربط سياقاتها بالسياقات الأردنية الجارية، أي أن المفردة الملكية عادةً ما تُصاغ من وحي اللحظة الوطنية التي عادةً ما يتمُ ربطها بالظروف والتحديات المحدقة والمحيطة.
وأضاف، خلال جلسة للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي اليوم الاحد حول دور مجلس الامة " ضمن التقرير الصادر عن المجلس و الذي حمل عنوان حالة البلاد " بحضور النائب الاول لرئيس مجلس النواب خميس عطية و رئيس المجلس الاقتصادي و الاجتماعي الدكتور مصطفى الحمارنة و امين عام المجلس الاقتصادي و الاجتماعي محمد النابلسي و عدد من الامناء العامين و المختصين من برلمانيين و باحثين ان كتب التكليف السامي إلى الحكومات وخطابات العرش انتهجت لدى افتتاح صاحب الجلالة الدورات العادية وغير العادية لمجالس الأمة في السنوات الخمسة عشرة الماضية، مساراً واضحا في التعامل مع المتطلبات الملحة لشؤون اللحظة المحلية.
فيما دأبت الخطابات على التمسك بالثوابت الأردنية في الملفات العربية والإقليمية، مرةً من بابِ التذكير بها والإصرار عليها، ومراتٍ من منطلق إيصال رسائلَ واضحةٍ للخارج؛ تحديدا فيما يتعلق بركنين أساسيين وهما القضية الفلسطينية، والحربُ على الاٍرهاب.
و فيما يتعلق باللحظة المحلية بين الطراونة ان كتب التكليف السامي وخطابات العرش شكلت منهجَ عملٍ سنوي، حيث يوجه جلالة الملك حكومته للعمل بها، فيما يصر جلالته على تكريس عناوين التعاون والتكامل بين السلطات.
و اضاف ان خارطة الطريق التي يرسمها المنهج الملكي عادةً ما ترتبط بطبيعة أولويات إصلاحية إن كانت سياسية عبر التشريعات، أو اقتصادية ترتبط بضرورة الاستجابة لسرعة المتغيرات الاقتصادية العالمية مع تحصين الطبقات الوسطى ومتدنية الدخل كأساسٍ ثابتٍ في المعادلات الاقتصادية الإصلاحية، وإما اجتماعية في ظل الحاجة لمواكبة تنامي الطلب على الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وخدمات، وانعكاسات جودة الخدمات تلك، على مستوى الارتقاء بالطاقات الشابة وتأمين حصتها من النمو المرحلي والتنمية المستدامة.
و لفت الى انه من أجل ذلك وإن اتفقتُ مع فكرة مَحوَرَةِ كتب التكليف السامي وخطابات العرش ضمن عناوين أساسية وفرعية، فإنه مطلوب أن نطالع بدقةٍ مرصودةٍ حجمَ التطابق بين المنطوق السامي والمطلوب المرحلي، وهو ما تستطيعُ من خلاله الحكومات أن تربط توجهاتها ضمن خطط سنوية، تنجزها عبر التعاون الإيجابي مع السلطة الشريكة-السلطة التشريعية التي تُمكِن الحكومة من إنجاز التشريعات ذات الأولوية، وتزيدُ من تمكينها عبر الدور الرقابي لمجلس النواب.
و قال الطراونة إننا وأمام استقرار عمل مؤسساتنا الدستورية نستطيع أن نُعظم المنجز المرحلي الذي يَصُبُ في خانة تحسين مناخات "حالة البلاد" التي اتخذها المجلس الاقتصادي الاجتماعي عنوانا لتقريره السنوي، مضيفا ضمن هذا السياق إن ما يمثله الدستور أولاً، واستقرارُ التشريعات على نهج اصلاحي دائما يساعد وبشكل كبير في زيادة رصيد المملكة من حساب الاستقرار المؤسسي الذي عنوانه دولة المؤسسات وسيادة القانون.
و تابع إن المسارات الزمنية لكتب التكليف ولخطابات العرش السامي تحدد وبدقة؛ سواء لصالح التأريخ وحفظه، أو لصالح العمل العام وخططه، تحددُ طبيعة المتغيرات من حولنا والتي انسحبت بالضرورة على طبيعة التحديات الراهنة التي يعيشها المجتمع الأردني.
و اشار الى انه من الصحيح أن الاستقرار الداخلي هو عامود الارتكاز في صناعة القرار الاصلاحي، لكن علينا أن لا نُغفِلَ حجم التداخل بين القرار الداخلي وطبيعة ما يجري حولنا في المنطقة والإقليم، فاستعصاء تسوية القضية الفلسطينية لوحده من شأنه الضغط على عصب الدولة، فما بالكم إن زاد على ذلك الحرب في سورية والاضطرابات العنيفة التي عاشتها العراق، وهما حدين طبيعيين نرتبطُ بهما أمنيا واقتصاديا ما يستدعي قراءة منصفة لمضامين كتب التكليف وخطب العرش السامي، وقراءة استجابتها لطبيعة كل المتغيرات المتسارعة في منطقتنا والإقليم، عندها سنجد حجم التطابق بين ما يوجه إليه الملك في خطاباته وما ينسجم مع اللحظة الأردنية فهماً وتطبيقا.
و بين الطراونة انه من الواضح في كتب التكليف السامي وخطب العرش أن هنالك مهماتٌ محددة مطلوبة من الحكومات، ودستوريا يُصبح مطلوباً حكماً من مجلس النواب الرقابةُ على تلك الحكومات ضمن حساباتٍ تنفيذيةٍ مرتبطةٍ بما تعهدت الحكومات في تطبيقه.
و تابع إن الدور المنوط بمجلس النواب في رقابته على ما التزمت الحكومات بتطبيقه، اصطدم بجدارِ سرعةِ تغيير الحكومات سواءٌ لظروفٍ ارتبطت بها أو متغيرات محيطة طرأت على الحسابات الوطنية، وقد أسهمت بشكلٍ وما في تشتت الحكومات بتنفيذ التوجيهات الملكية، وما التكرار في المطالَب الإصلاحية الملكية إلا مؤشرٌ بارزٌ على ما سلف.
و لفت الى انه في حين أن قلة من الحكومات أخذت فرصة كافية من الوقت لإثبات قدراتها على تنفيذ التوجيهات العليا، إلا أنها تركت كتاب التكليف وخطب العرش السامي وراء ظهرها ودخلت في مجالات العمل اليومي والانجاز بالقطعة بدلا من العمل الممنهج برامجياً واستراتيجيا.
و بين إن ما يُعيق دور مجلس النواب على صعيد رقابته على الحكومات هو طبيعة قانون الانتخاب الذي ما زال يحابي العمل الفردي على حساب العمل الجماعي، وهو ما انعكس كذلك في عدم مقدرة التعديلات على النظام الداخلي للمجلس من تمكين الكتل النيابية من تأدية دورها، وتوحيد جهود أبناء الكتلة الواحدة من التعبير عن مواقفهم بموضوعية ووحدوية كما كان متأملاً.
و قال إن اخضاع عمل المجالس النيابية لحساباتِ العمل الجماعي عبر إصلاحاتِ قانونِ الانتخاب كمدخلٍ تحفيزي للمرشحين الذين من رحِمهم يولدُ النواب المفترضون، كفيلٌ بتحقيق الهدف، وعندها تستطيع الكتل النيابية متى تأسست على أسس برامجية أن تقترب أو تبتعد من الحكومات المسنود إليها برامجُ عملٍ محددةٍ بطبيعةِ المراحلِ وظروف المتغيرات، وعندها تتشكلُ ملامحُ الرقابةِ النيابية، ليس على العمل اليومي للحكومات فقط، بل رقابتها على المستوى البرامجي للفريق الوزاري المسنود إليه خططُ عملٍ واضحةً في كتب التكليف وخطب العرش السامي.
و اضاف " فصحيحٌ أن جلالة الملك يقبل استقالة الحكومة ويكلفُ حكوماتٍ، لكنَ مجلس النواب يمنح الثقة أو يطرحها في الحكومات، في اعتبارٍ رصينٍ للركنِ الدستوري الأصيل من معادلتها الوطنية أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي" .
و اوضح انه لكي يتسنى لتطبيق هذا الركن الأصيل في دستورنا الذي يمثل عقدنا الاجتماعي الراسخ والمتوافق عليه، فالمطلوبُ تمكين دور المجالس النيابية في أداء دورها التشريعي والرقابي من خلال إصلاحاتٍ جذرية لقوانين الفعل السياسي وعلى رأسها قانونيّ الانتخاب أساسا، ودعم العمل الحزبي في المجتمعات عموما.