إعادة تعريف الإنسان!!
المطالبة المريبة بإعادة تعريف اللاجىء سوف تصل بمرور الوقت وتعاظم الاستخفاف بالبشر الى اعادة تعريف الوطن والحق والانسان، وسوف تشمل تعريف الفقراء والاغنياء والخير والشر ما دام المقصود بذلك هو تحقيق نبوءة جورج اورويل في روايته 1984 حيث تنقلب دلالات المفردات رأسا على عقب، ويصبح معنى العبودية هو الحرية، والحرب هي السلام والكراهية هي الحب.
اننا نشهد الآن سطوا مسلحا على كل ما انجزت البشرية من ثقافة وقيم، فالقوي في هذا القرن الغاشم منذ بداياته حتى صفقاته بلغ ذروة التوحش ولم يعد هناك فرق بين امبراطور مجنون مثل كاليجولا وبين رئيس لا يرى في الاخرين غير عبيد لا حول لهم ولا قوة ومن لم يعرف في حياته غير البورصات وصراع رجال المال لا علاقة له بالتاريخ حتى لو ظن بأنه صنعه، وهناك اباطرة من هذا الطراز حاولوا ايقاف الارض عن الدوران والشمس عن الشروق الا في قصورهم انتهوا الى امثولات في الحُمق!
ومن يريد اعادة تعريف اللاجىء وبهذا التوقيت المريب عليه ان يعرف الوطن اولا بدءا من بلاده، ولا ندري ما الذي يتبقى من قضية غير مسبوقة في التاريخ كالقضية الفلسطينية اذا حذف منها حق اللاجئين، انها عندئذ تدرج في خانة انشطة انسانية كالعمل على حماية البيئة والتقلبات المناخية، ويتطلب تحقيق مثل هذا الهدف اعادة تعريف التاريخ ذاته، لكن فلسفة الاستيطان وفقه ابادة السكان الاصليين ليست حكرا على دولة، وهذه مناسبة لاستذكار ما كتبه المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري في كتابه الفردوس الارضي، وكأن الرجل قد تنبأ بالكثير مما يحدث الآن، وشمَّ عن بعد عقود هذه الرائحة التي بدأت تفوح من دعاة الليبرالية والدفاع عن حقوق الانسان!
الدستور - الاثنين 6/8/2018