الشيطنة المتبادلة!!
حين تصل المعارضات الى ذروة الراديكالية وتنقطع عن الواقع تصبح مهنة، وبمرور الوقت تصبح الشيطنة المتبادلة بينها وبين النظم حربا دونكيشوتية وتتكسر السيوف كلها على الطواحين، وهناك حالات في عالمنا العربي ادى تبادل الشيطنة فيها الى العدمية السياسية ونبحث عبثا عن ام الصبي الصادقة، لأن كل طرف يغني على ليلاه، وهاجسه الوحيد هو البقاء على قيد الحياة السياسية، وحين نصغي الى خطاب الشيطنة نجد ان مصالح البلاد والعباد خارج المدار، وما يبدو حقا في بعض المواقف هو حق يراد به باطل، والخطاب الاعلامي العربي في هذه الآونة يحتاج الى تحليل نفسي، بحيث توضع عينات منه تحت المجهر، وهو يفتضح نمطا من الثقافة العمياء التي يحكم الناس فيها على بعضهم بالجملة، وبالتالي ينقسم المجتمع الى ابرياء معصومين وفاسدين آثمين، وما من بعد ثالث لهذه الثنائية الوثنية!
ولو توفر الخطاب الاعلامي على حدّ ادنى من العقلانية لما كان المشهد على ما هو عليه ولما زعم البعض انهم يحتكرون الصواب والحقائق سواء كانوا من النظم الحاكمة او من المعارضات على اختلاف مرجعياتها وشعاراتها. ان من يقلب الاولويات لصالحه ويقدمها على الصالح الوطني العام ليس ام الصبي كما تقول الحكاية السليمانية.
ورغم كل ما نسمعه عن مواثيق الشرف الاعلامية الا ان حالة التدني التي بلغها الخطاب الاعلامي العربي اسقطت كل الخطوط الحمر، وحققت نبوءة جورج اورويل عن فقدان الكلمات لمعانيها ودلالاتها، وقد لا تتضح الان مخاطر هذا الخطاب العدمي لكن الاجيال التي سوف ترثه بلا ذنب ستدفع الثمن!!
الدستور - الاربعاء 8/8/2018