رب ضارة نافعة
نفذت إدارة الرئيس الأمريكي وعيدها، وأوقفت دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «اونروا».
تهدف إدارة ترامب من ذلك إلى الضغط على العرب والفلسطينيين للقبول بتعريفها للاجئ الفلسطيني، وهو الفلسطيني الذي خرج من فلسطين عام 1948 فقط، وهذا التعريف ينطبق الآن على حوالي 40 الف فلسطيني، وبالتالي ستبدو مسألة ملف اللاجئين أو حق العودة سهلة الحل.
لا شك أن ملف اللاجئين وحق العودة هو من أعقد وأصعب مسائل المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولذلك تعمد القوم أن يؤجلوها ضمن ما يسمى قضايا الحل النهائي.
ولا شك أيضا أن القوم كانوا متساهلين في مسألة حق العودة، فالمبادرة العربية للسلام التي قدمت عام 2002 لم تشر صراحة إلى حق العودة، وإنما إلى الوصول لحل عادل لمشكلة اللاجئين يتفق عليه.
تقوم استراتيجية العرب، للأسف، على أن الكيان الصهيوني يستحيل أن يوافق على عودة اللاجئين الفلسطينيين، هذا ما تؤكده تصريحات للرئيس محمود عباس في أكثر من مناسبة، وهو في أحد التصريحات يقول إنه لا يرغب بالعودة إلى مسقط رأيه، بل يريد الذهاب إلى زيارته فقط.
تاريخ المفاوضات العربية الإسرائيلية والفلسطينية الإسرائيلية تدل دلالة لا تخطئها العين أن القوم مقتنعون جدا بأنه لا يمكن تنفيذ حق العودة، ولذلك فهم يجتهدون لإيجاد حل يرضي الطرف الإسرائيلي.
على الطرف المقابل، فإن حق العودة يحظى بقدسية لدى الشعب الفلسطيني والعربي؛ هذه القدسية جعلت من المستحيل أن يقدم قائد فلسطيني أو عربي تنازلات رسمية موجعة في هذا الملف. لذلك كان العرب والسلطة الفلسطينية يحبذون أن تبقى مسألة اللاجئين لمفاوضات الحل النهائي؛ ذلك أنهم يتمنون أن يحصلوا على شيء يشجعهم على الحديث علانية عن حل عادل لمشكلة اللاجئين لا يتضمن حق العودة والتعويض.
ما حصل الآن أن سياسة ترامب الغبية قفزت بمسألة اللاجئين إلى الواجهة، وجعلت الفعاليات الشعبية والقوى الحزبية والسياسية تستنفر، كما الجاليات الفلسطينية في الشتات.
لا حديث الآن سيعلو على حديث اللاجئين والأونروا وحق العودة وقدسية حق العودة، ولن يستطيع رسمي فلسطيني أو عربي بعد الآن أن يتجاوز الحديث عن قدسية حق العودة.
شكرا إدارة ترامب؛ فقد جعلت ملف القدس واللاجئين يقفز إلى رأس أولويات الشعب الفلسطيني والعربي، وقد حصنتهما من أي تنازلات كان يستعد لها النظام العربي.
السبيل السبت 1/9/218