المطلوب إجراءات عاجلة جداً لبناء الثقة
منذ توليه مسؤولية رئاسة الحكومة، ما انفك الدكتور عمر الرزاز يتحدث عن الثقة الغائبة بين المواطن والحكومة، وحتى بين المواطن والدولة.
يعتقد الرزاز أن تلك الثقة اهتزت كثيرا، ويعترف أن ذلك يؤثر في كل المشاريع التي تقترحها الحكومة.
الرزاز وضع يده على الجرح الحقيقي للبلد، فالناس ليس عندها ثقة بخطط الحكومات ولا مشاريعها، ولذلك فهي ترفض رفضا باتا أي قانون يمكن أن يضيف عليهم عبئا ماليا؛ لأنهم يعتقدون أن هناك من يسرق البلد، وينهب خيراتها، ويملأ جيوبه، ثم يراد من المواطنين دفع فواتير النهب والفساد وزيادة المديونية!!
عندما تتحدث الحكومة عن قيمة رواتب القطاع العام مثلا، وأنها ترهق الموازنة العامة، فإن الناس تنظر إلى ذلك على طريقة النكتة التي تقول إن مراسِلا في إحدى الدوائر سئل عن راتبه، فقال: راتبي وراتب المدير
العام 4000 دينار!!
مواطنون كثر وصلوا إلى قناعة أن الذي زرع الشوك يجب أن يحصده هو لا هم.
لم تعد لغة التحذير من النفق المظلم تثير خوف غالبية المواطنين، فهم يقولون إن الأمور وصلت للحضيض، ولن يكون هناك أكثر من ذلك.
وضع الإصبع على الجرح لا يكفي يا دولة الرئيس، بل يجب أن يتبعه إجراءات عاجلة لبناء الثقة المفقودة أو المهزوزة، وهي إجراءات يجب أن تسبق أي إجراء آخر لإصلاح الوضع الاقتصادي، فالناس سمعت وعودا كثيرة من حكومات سابقة، وأنت لست عمر بن الخطاب حتى يعطوك شيكا على بياض.
هل تذكر قصة الخروج من عنق الزجاجة يا دولة الرئيس، وأنت كنت أحد أفراد الحكومة التي أطلق رئيسها ذلك الوعد، لقد كنت من بينهم، وها نحن اليوم نُحذّر من عام 2019 إذا لم يمر مشروع قانون ضريبة الدخل!! فمن أين ستجد الناس الثقة بالحكومات.
الناس تريد ضوءا في نهاية النفق، وكل الحكومات السابقة وعدت بنهاية سعيدة، لكن النتيجة كانت زيادة في المديونية، وزيادة في عجز الموازنة، وزيادة في تسرب الأموال العامة، ثم عودة للحديث عن الوضع الصعب، وعن "الطائرة الخربانة"، وعن ضرورة التحمل والاعتماد على الذات، وضرورة تمرير الإجراءات الاقتصادية القاسية.
إجراءات بناء الثقة هي الأولوية الآن تتقدم على كل إجراء، وحكاية التوازي والتزامن لا تنفع أيضا، فهي لا تعدو كونها بنداً في خطة تمرير الإجراءات الاقتصادية القاسية وحسب.
المطلوب من الحكومة وبشكل عاجل تقديم خارطة طريق واضحة مع ضمانات واضحة لتنفيذها، لإعادة الثقة المفقودة، وحينها سيستقبل المواطنون وزراءها في المحافظات، وسيستمعون إليها، خصوصا إن كانت الخارطة مقنعة، وتحمل ضمانات من أعلى المستويات لتنفيذها.
السبيل - السبت 22/9/2018