خطباء المساجد ورسالة العصر
![خطباء المساجد ورسالة العصر خطباء المساجد ورسالة العصر](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/69721.jpg)
لقد صار معظم خطباء مساجدنا في الآونة الاخيرة ينهجون نهجا جيدا في تلمس قضايا الوطن ومناقشتها بموضوعية ناجحة .. كما غدا معظمهم يتجنبون الاطالة الممجوجة والتكرار الممّل لكثير من الجمل والعبارات والقصص التي عفا عليها الزمن وأصبحت غير متواكبة مع روح العصر الجاري . وهناك عدد قليل منهم لا زالوا للأسف يعتقدون أنهم يخاطبون مصليّن عوام لا يتفقهون ولا يتدبرون في أقوالهم .. فيخطبوا بالصوت العالي والصراخ المبحوح حتى نكاد لا نفهم عليهم من غليان حناجرهم مع تضارب صدى السماعات داخل المساجد . وحيث أنني أحرص على الصلاة في أكثر من مسجد لأتعرف على الفرق بين الخطباء فان أشد ما يعجبني الخطيب الهاديء الذي أستفيد من ثقافته الدينية والدنيوية الواسعة .. والذي يركز على القضايا الآنية المحلية كالأخلاقية والاجتماعية والتربوية والأسرية .. وكذلك نبذ العنف والسلوكيات الخاطئة والحثّ على عمل الخير بكل جوانبه وعدم تخوين وتكفير الآخرين لمجرد الاختلاف في الرأي .. والبحث عن المحتاجين ومساعدتهم والتواصل مع الأرحام والأقرباء والأصدقاء والجيران .. وليت كل خطيب يتناول في كل جمعة موضوعا من الموضوعات بطريقة مختصرة هادئة وشائقة حتى يظن المصلّي أنه أمام نوع جديد من الخطابة الهادفة التي تتواءم مع مقتضيات وأحوال العصر . كما أنني أمقت الخطب التي تتعارض مع العلم والعلوم والتكنولوجيا النافعة .. وأذكر في طفولتي خطيبا استنكر هبوط الانسان على القمر وآخر نفى تمكّن الطب من معرفة نوع الجنين في بطن الأم وغيره دعى بالسل والطاعون على حاملي الهواتف المتنقلة لأنها من صنع الكافرين ومفسدة لشباب المسلمين . ومع كل تلك الملاحظات يبقى خطباؤنا في المملكة على مستوى عال من الوعي والادراك وهم خيرة الناس بلا شك .. لكنهم شيئا فشيئا سيصلون الى قناعة وافية ومرحلة حتمية تستدعي التركيز على معالجة كثير من السلبيات المجتمعية الخاطئة التي تضر بمصلحة ومستقبل الفرد والوطن والأمة .