الإفراط في الحب والغيرة يصيب بالعمى
المدينة نيوز- قد يتحول الحب والغيرة إلى حالتين مرضيتين يصعب الشفاء منهما، حتى الطلاق قد لا يفيد في حل هذه المشكلة بسبب استمرار العاطفتين إلى ما بعد الطلاق، لأنهما حالتان غير قابلتين للشفاء سريعًا.
أكدت دراسة نشرتها جامعة "أوسب" في ساوباولو أن الحب عندما يزيد على حده المنطقي يصبح مرضيًا والشيء ذاته ينطبق على الغيرة، نظرًا للتشابه بين أوجه المعاناة فيهما، وأهم عناوين هذه المعاناة هي حب تملك الآخر، فالحب المرضي يعني الرغبة في تملك الآخر، والغيرة المرضية تعني الشيء ذاته.
وكشفت الدراسة أن المراهقات هن اللواتي يعانين أكثر من غيرهن من الحب المفرط والغيرة المفرطة، أحيانًا بسبب عدم نضوج العاطفتين عندهن، حسب ما ورد بصحيفة "سيدتي".
وسألت الدراسة 300 مراهقة أن يفرقن بين المعاناة من الحب المفرط "المرضي" والغيرة المفرطة "المرضية" فواجهن ارتباكًا في الإجابة، واستنادًا إلى هذا أكد عدد من العلماء أن المعاناة من الحب والغيرة المرضيين متشابهة جدًا.
تملك الآخر
من جانبها أكدت الطبيبة النفسانية، أندريا لورينا، التي شاركت في إعداد الدراسة أن الاضطرابات السلوكية الناجمة عن الحب والغيرة المرضيين متشابهة بين أعراضهما، ومن بعض أوجه التشابه حب تملك الآخر، فإن لم يتحقق ذلك تتشكل الرغبة في إيذاء الآخر أو حتى التخلص منه أو منها، لكي لا يصبح ملكًا لطرف آخر.
وأوضحت إن أحداث العنف والقتل بين الأزواج السابقين والمخطوبين السابقين ارتفعت في العالم بنسبة 42 % خلال السنوات الخمس الماضية، وكان سببها الرئيسي الغيرة المرضية، التي يكون أساسها حبًا مرضيًا مستندًا إلى الرغبة في تملك الآخر حتى بعد الانفصال، لكي لا يقع أو تقع في حياة آخرين.
وكشفت الدراسة أن من تعاني من الحب المرضي والغيرة المرضية تركز كل تفكيرها وطاقاتها لمراقبة الآخر، وتنسى كل النشاطات الأخرى في الحياة، الأمر الذي يتسبب بعذاب لا يطاق للطرف الآخر، لكن بالنسبة للمصابة بهاتين الحالتين ربما يكون في الأمر بعض المتعة.
وبينت إن بعض المصابات بالحب والغيرة المرضيتين يعانين أقسى العذاب النفسي، لأنهن لا يستطعن التخلص من هاجس التركيز على من يحببن، ويغرن عليه، وهنا تصبح الحالة قسرية، وخارجة عن نطاق السيطرة رغم الوعي بالمعاناة.
كما أن الغيرة المرضية تقلل من ذكاء وحكمة من تعاني منها، وهذا ينطبق على الحب المرضي أيضًا، فالحالة النفسية للمصابة بالحب والغيرة المرضيين تجعلها تصبح عاجزة تمامًا عن التفريق بين ما هو صح وما هو خطأ.
كذلك فإن الشك الذي لا أساس له هو سمة مشتركة بين الحب والغيرة المرضيين، فالتي تعاني من حالة الحب المرضي تشك أن الشريك قد يفقد حبه لها ويتخلى عنها، وهي قد تكون حالة نفسية لا مبرر لها، لكنها في ذهن المصابة كارثة لن تسمح بوقوعها، هذا الشعور يؤدي إلى الغيرة المرضية، أي عدم السماح لأي شيء أن يمس الشريك.
وفي النهاية تتحول الكارثة التي يراد تفاديها لعدم فقدان الآخر إلى كارثة على أرض الواقع دون أن تعي اللواتي يعانين من الحالتين المرضيتين ذلك، فالشك يحول حياة التي تعاني من الحب المرضي وحياة الجانب المحبوب إلى استجوابات لأسئلة دائمة، ومراقبة الهاتف الخلوي، ومراقبة التحركات، ومحاولات التغلغل إلى البريد الإلكتروني من أجل مراقبة الآخر.
عمى مؤقت أو دائم
توصل فريق من الأطباء النفسانيين البرازيليين في جامعة "بيرنامبوكو" إلى أن الغيرة المرضية قد تسبب العمى المؤقت أو الدائم لدى المرأة إذا لم تعالجها، فالغيرة المرضية مرتبطة بالأعصاب المسئولة عن البصر، وفي حال تعرض المرأة إلى "أزمة غيرة" فإن الدماغ يفرز شحنات كهربائية تعطل، بشكل مؤقت، النقاط الدماغية المسئولة عن البصر، لكن استمرار الأزمة قد يعطل البصر تمامًا مما يؤدي إلى العمى المؤقت أو الدائم، فالمرأة التي ترى من تحبه في وضع معين مع امرأة أخرى يبعث على الغيرة فإن أعصابها البصرية ترسل إشارات إلى الدماغ فترى غشاوة أحيانًا إلى أن تزول النوبة.
وتكرار نوبات الغيرة المرضية يُعَوِّد النقاط المسئولة عن البصر في الدماغ على الكسل في العودة إلى طبيعتها، الأمر الذي قد يتسبب بالعمى المؤقت، وحذر الأطباء من أن عدم المعالجة النفسية لمن تعاني من نوبات الغيرة المرضية يهدد البصر، ويعرضه لأخطار لا تحمد عقباها على المدى البعيد.
نار في قلب صاحبها
عندما تغار المرأة تبكي، وعندما يغار الرجل يصمت.. الغيرة نار في قلب صاحبها ، وقد يزيد اشتعالها لتصبح حريق يلتهم أى حياة زوجية هادئة ، فبعض الزوجات يشعرن بالغيرة لأتفه الأسباب مما يجعل الزوج يشعر بالضغط .
في القرن العشرين تم اكتشاف العقاقير المضادة للقلق وغيره من الأمراض النفسية مثل الفصام والهلوسة والاكتئاب كما تم اكتشاف الاضطرابات الكيميائية التي تحدث في المخ وتسبب هذه الأمراض، كما يوضح د. أحمد عكاشة أستاذ الأمراض النفسية بكلية طب عين شمس في حديثه لصحيفة "الأهرام" المصرية، وهكذا مع اكتشاف الأسباب الكيميائية للأمراض تم التوصل إلي العلاج الكيميائي لها فبدأ الطريق الذي يمكن أن يوصلنا في يوم من الأيام إلي تصنيع أقراص لمنع الحقد وأقراص لمنع الغيرة تعطي الشفاء الكامل لمريض الغيرة الذي لا يعرف الراحة في الحياة.
ويصور د. عكاشة حياة من يعانون من نار الغيرة والمواقف التي يمر بها الزوجان والتي قد تدعو إلي اشتعال الغيرة بينهما مثلا: جملة قالها الزوج منذ زمن بعيد أحب المرأة الممتلئة فتظل هذه الجملة محفورة في قلب وعقل الزوجة لسنوات طويلة فتقف أمام المرأة وتدور حول نفسها لتري أنها أصبحت نحيفة أكثر من اللازم وهنا تقفز إلي ذهنها صورة جارتها الممتلئة التي نظر إليها الزوج طويلا! وهنا تشتعل نار الغيرة.
ويضيف أن هناك حالات من الغيرة المرضية التي تتطور حتى تصل إلي حالة من حالات الهيستيريا فهناك الزوجة التي تتصل كل ساعة بمكتب زوجها لتتأكد من أنه موجود وعند عودته تفتش ملابسه لعله يخفي دليل خيانته فهي في حالة شك دائم في تصرفاته ويقسم الزوج بأنه برئ ولكن بلا فائدة وتتهم الزوجة زوجها بأنه علي علاقة بامرأة أخري دون أن تملك ضده أي دليل!
قبل أن تشتعل!
بدلا من أن نكتوي بنار الغيرة يجب أن نقضي عليها – يضيف د. عكاشة - حتى لا تزداد شدتها وتصبح أكثر خطرا وذلك بمحاولة فهم أنفسنا وكل هذه الأشياء الصغيرة التي تعذبنا والصراحة هنا مفيدة بأن تبوح الزوجة إلي الزوج بتصرفاته التي تسبب غيرتها فربما تكون تصرفاته عن غير قصد حتى يراعي المواقف التي تشعل نار الغيرة في قلبها ليتداركها ويحاول أن يتجنبها وهكذا يكون العلاج بالمصارحة بينهما وحتى يتم تصنيع أقراص منع الغيرة لابد من التفكير السليم والفهم الصحيح والثقة المتبادلة بينهما دون الحاجة إلي هذه الأقراص.
وغالباً ما تظهر الغيرة من جانب النساء أكثر من الرجال وذلك لطبيعة المرأة وفطرتها ، لذا نجد أن الرجل يكره غيرة المرأة ، ولكن من ناحية أخري تعشق حواء غيرة الرجل ولكن عندما تكون بحدود ، لذلك ينصح الباحثون بعدم الشعور بالضيق من الغيرة التي يظهرها الشريك إلا أنها يجب أن تبقى في حدود معقولة.
ولكن سرعان ما تتحول النعمة إلى نقمة عندما يشعر بالغيرة ليس بهدف الحب ولكن لأسباب أخري كنجاحها في العمل الذي يكون سبباً في إهماله أحياناً ، هذا الشعور بدوره يضيع أي مشاعر جميلة بينهما وعن هذا الأمر تشير الأخصائية الاجتماعية ليلي الجمعان إلى أنه لا يمكن أن يكون الرجل فقط هو محور الحياة الزوجية ولا ينبغي أن يشعر أي رجل بمشاعر سلبية تجاه تفوق أو شهرة زوجته بل إن عليه أن يعمل هو الآخر ، وأن يجتهد لكي يضاهيها نجاحاً وتفوقاً فمن المؤكد أن الأسرة التي يتمتع الطرفان فيها بالنجاح هي أسرة أكثر نجاحاً. ( لهن )