معارضة الخارج
على حد علمي، وعلى مر السنوات الماضية، لم اسمع بوجود معارضة اردنية تعيش خارج حدود البلد، ربما، في الخمسينيات والستينيات كان هناك بعض المحسوبين على «معارضة الخارج»، وقد عاد غالبيتهم لحضن الدولة وشغلوا مناصب حساسة وسيادية.
الاردن، دولة فيها بعض حرية الرأي، كما انها ليست بالقاسية تماما على مخاليفها، ناهيك عن طبيعتها وتركيبتها التي لا يصلح معها منطق تصفية الخصوم الداخليين.
من هنا لم تظهر الحاجة لمعارضة تتخذ من الخارج مكانا ومنبرا للتعبير عن آرائها، فالفضاء السياسي الداخلي يحتمل ان تقول ما تشاء، مع استثناءات تتعلق بالملك وأدائه.
حديثا، برزت ظاهرة وجود افراد متناثرين، هنا وهناك، يلعبون دور معارضة الخارج، يستخدومن بمهارة ادوات السوشال ميديا، ويرفعون سقوفهم، وينحتون المعلومات التي تحتاج الى فحص وتدقيق.
ايضا هذه الظاهرة ليست معارضة للخارج بالمعنى المؤسسي، بل هي مجرد ظاهرة فردية، بقيت لفترات طويلة بالظل، ولا تعبر عن اي طاقة تفسيرية لنهج المعارضة.
الجديد، انها رغم بقائها فردية، الا انها اصبحت واسعة التأثير والنطاق، فما يقوله احدهم (معلومة او تحليل، او تخيلات) تصبح مادة منتشرة يتحدث فيها كل الاردنيين، في مجالسهم الاجتماعية والنيابية.
هذا التطور له اسباب، منها ان ثمة فراغ رواية تسببت فيه الدولة وادواتها، ناهيك عن فقر الادوات والاستراتيجيات، اضف لذلك غياب رجالات الدولة السياسيين القادرين على الاشتباك مع الناس.
ايضا المعارضة التقليدية غائبة ومرهقة ومحاصرة، فالاسلاميون في حالة كمون ودفاع عن النفس، كل ذلك، ساعد في تشكيل آذان صاغية من المجتمع موجهة لهؤلاء الافراد المعارضين من الخارج.
ظاهرة لا يستهان بها، ويجب ان لا تمر مرور الكرام، دراسة وتحريا وقرارا، فالناس «مش ناقصهم» المزيد من حالة عدم اليقين، ومرة اخرى، مشكلتنا ان الناس تصغي لأي كان، وهنا يكمن الخطر.
السبيل - الاثنين 1//10/2018