ترامب .. المؤامرة على السعودية
من تابع تصريحات ترامب المستفزة الأخيرة وما يفعله المندوب الأممي الجديد في اليمن مارتن غريفتث يدرك حقيقة ما يجري في المنطقة ، وطبيعة التحالفات الخفية والمرئية ضد العرب جميعا من محيطهم لخليجهم .
وإذا كان ما يحدث في ليبيا شاهدا على تحكم دول المركز بكل حركة تجري في هذا البلد في الجناح المغربي من الوطن العربي ، فإن ما يجري في المشرق وفي اليمن بالذات أشد وانكى ، إذا أخذنا في الإعتبار حليفا للغرب مخلصا وقويا وذا طموح تنافسي ، وهو ايران الصفوية ، الحليف الاستراتيجي التاريخي للصهيونية العالمية بكل أدواتها ، المتحكمة بكل مفاصل الحدث السياسي والاقتصادي و " الإجتماعي " ، وهذا الأخير هو ما تفرضه عولمة التعليم والثقافة على أمة العرب وعلى النشء العربي والمسلم ممن هم على مقاعد الدراسة بمختلف مراحلها .
إن أي مراجع للتأريخ الصهيوني ، وخاصة ما كتبه بن غوريون ، أول رئيس اسرائيلي حول هذا الأمر يدرك صحة ما نقول ، حينما صرح بأنه : " يجب القضاء على الدول السنية القوية في المنطقة والتحالف مع الشيعة" : ( أتحدث هنا عن الشيعة الفرس الصفويين ) وهو تصريح مشهور ومعروف وبالإمكان العودة إليه ، وحديثا ما قاله وزير خارجية روسيا عن رفضه حكم السنة لسوريا ، وأيضا ما قاله الحاكم العسكري للعراق بريمر في كتابه " عام في العراق " حين كتب قائلا : " قررنا في العراق التحالف مع الشيعة " وايضا ما سجلته الأحداث والإعلام وعدسات الكاميرات خلال استيلاء الحوثيين على صنعاء حيث كانت الطائرات ألأمريكية تقصف القرى السنية بدواعي الأرهاب بينما يتقدم الحوثيون على الأرض ، وأيضا رفض امريكا القاطع لتسليح الثورة السورية وما إلى ذلك من تسلسل يسبق هذه الفترة ويتبعها .
لهذا كله ، وغيره ، فإنه ليس من الغريب ولا المستهجن أن يطلق ترامب تصريحه الأخير ويقول بكل وقاحة : " إن على السعودية أن تدفع نظير حمايتها " ليرد عليه الأمير محمد بن سلمان بأن السعودية لن تدفع مقابل أمنها ، وبأن كل سلاحها اشترته بأموالها ،وبأنها أقدم تاريخيا من وجود الولايات المتحدة نفسها ، وهو رد قوي ودبلوماسي كان لا بد منه لوضع الامور في نصابها .
وتقول المعطيات بأن تصريح ترامب الابتزازي والدنيء والحاقد والغبي بعث برسائل إلى حلفائه الأيرانيين المختلفين معه " مرحليا " والذين يفهمون اللعبة جيدا ليكيفوا سياستهم في المنطقة وفقها وعلى أساسها غير المبهم على المراقبين والمثقفين والدارسين لطبيعة دول المركز وحقيقة المَرابط التي تتحكم من خلالها بكل دول العالم من خارج الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن تحت مسمى موبوء اسمه " النظام الدولي " الذي تتبعه في خطه السياسي كل مكوناته وهيئاته بما فيها الأمم المتحدة الضعيفة والمتواطئة ، ومن ذلك ما يفعله مارتن غريفتث الذي خلف الموريتاني ولد الشيخ في التآمر على عروبة اليمن ووحدة اراضيها والساعي لأنقاذ الحوثيين من الهزيمة التي تنتظرهم إذا لم يسعفهم ترامب ، حيث باتت مكشوفة كل مفاصل المؤامرة في اليمن على أمة العرب ، بل وعلى المسلمين بالذات .
إن الإرادة السياسية وحدها ولا شيء سواها ، هي التي تحدد مصائر الدول السنية المراد تفتيتها من جديد ، ومصائر الشعوب المراد تغيير حلمها في اللحاق بركب التقدم والحضارة ، ولنا ساعة تدبر في ما يجري الآن في سوريا ، وما يجري في اليمن وما سبق وجرى في لبنان والعراق والحبل على الجرار .
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز