برهم صالح ظاهرة صوتية
في خضم المنافسة بين الحزبين الكبيرين في إقليم كردستان (الوطني والديمقراطي) وتقديم كل حزب منهما مرشحا عنه لمنصب رئيس الجمهورية، كانت هناك حملة إعلامية مضادة لترشيح برهم صالح شنها الإعلام التابع للحزب الديمقراطي حيث تأكدت حظوظه حتى قبل أن يحتدم ذلك الجدل، ووصفه سياسي من أربيل بالظاهرة الصوتية، ومن ثم قال رئيس الحكومة في أربيل نيجرفان برزاني تعليقا على تصويت البرلمان الفدرالي لصالح، وإختياره رئيسا للبلاد: إن المنصب بلاقيمة، وإذا كان قلب بغداد مع بعض الكرد، فإن العقل مع أربيل.
معروف إن من أراد الإنتقاص من أحد أن يقول: أنه قول بلافعل، أو إنه يتكلم دون أن يحدث أثرا حقيقيا، ولهذا يقال: إن فلانا ظاهرة صوتية لأنه يتحرك ويتكلم، وقد يتصوره البعض أنه مؤثر، وقادر على الفعل، وهو في الحقيقة غير ذلك. لكن وفي النهاية فاز برهم صالح، وبقوة، وبعدد كبير من أصوات النواب بالمنصب، وأصبح الرئيس الرابع للجمهورية منذ 2003
من المؤكد إن الخلاف بين الحزبين سيستمر حتى وإن خف، وحتى وإن أعلن السيد مسعود البرزاني دعمه للسيد عادل عبد المهدي المكلف بتشكيل الحكومة، ووصفه للأخير بالمناضل العتيد. فلاخلاف على منصب رئيس الوزراء حتى وإن كان هناك إعتراض على الشخوص بإعتبار المنصب من حصة المركز، ومن الشيعة تحديدا، ولكن الجرح الغائر زاد عمقا في الجسد الكردي وهو ماأكدته أوساط سياسية في أربيل بعد أن رأت إن الإتحاد الوطني، وقوى في السليمانية يمارسون الضغوط للتقرب من بغداد على حساب قضية شعب كردستان المركزية، كما إن الموقف من إستفتاء الإستقلال أشر نوع ذلك الخلاف، وعمقه أكثر، وسيكون من الصعب لملمة الأمور، وتضميد الجراح، بل والمؤكد إن أربيل والسليمانية لم ولن يعملا كإدارة واحدة. فالفكر السياسي في أربيل مختلف عنه في السليمانية، والتحالفات الخارجية والداخلية تدفع كلا منهما الى رسم معالم طريق يسير بالتواز، ولكنه لايلتقي بالآخر.
على السيد برهم صالح أن يثبت خلاف ماإدعاه الخصوم، أنه ظاهرة صوتية، وإن منصب رئيس الجمهورية بلاقيمة تذكر، وهذا الأمر يتطلب جهدا مضاعفا، فالعراق محاصر من قبل دول إقليمية تراه ساحة لنفوذها، وسوقا لبضاعتها، وملعبا تلتقي عليه بخصوم كثر، ويتشارك هو وصديقه عبد المهدي تلك الهموم التي تتلخص بكم من المشاكل السياسية، وكثرة اللاعبين المحليين، ومعاناة شعبية جراء نقص الخدمات، وغياب الحلول، كما إن البنية التحتية الأساسية منهارة بشكل صادم في قطاعات الماء والكهرباء والصحة والتربية والتعليم والطرق والإتصالات، مع نقص الموارد، وتناقصها، والفساد المستشر، والتنافس السياسي، وعزوف الشركات العالمية عن الإستثمار، وبقاء التهديدات الأمنية بنسب متفاوتة، وهو مايحتاج الى تفاهمات صعبة مع الشركاء السياسيين، واللاعبين الدوليين والإقليميين.
هل ينجح برهم صالح في أن يكون مرهما ناجعا في علاج المشاكل المستعصية، أم إنه سيسير على خطى الأسلاف؟
. والله ماأدري