ثقافة البحث عن الحلول
الأوضاع السياسية المعوجّة التي تسود عالمنا العربي أثرت في عقلية الأجيال لدينا وأوجدت عندنا ثقافة معوجّة أيضا، وأصيب المنهجية العلمية لدينا بالعطب، ولذلك نحن يجب أن نرحم الأجيال القادمة من خلال العمل على أرساء ثقافة جديدة مختلفة تقوم على توريث العقل العام منهجية البحث عن الحل، مهما كان حجم المشكلات التي نعيشها، و مهما كانت صعوبة الظروف التي نمر بها.
لتوضيح المقدمة السابقة أسرد عليكم تجربة قصيرة من خلال تدريسي في الجامعة، حيث اني أدرس مادة (الاسلام والقضايا المعاصرة ) متطلب جامعة ؛ ومن مباحث هذه المادة وحدة تتعلق بالشباب فرأيت أن أشارك الطلاب في هذه الوحدة من خلال تعبيرهم عن احساسهم الحقيقي بواقعهم واقتراحاتهم للحل الذي يرونه، والذي ينبغي ان يصل الى الجهات المختصة، فقسمنا الحديث إلى جانبين : جانب المشكلات وجانب الحلول، فوجدت الابداع والاسهاب من جهه الطلاب في سرد المشكلات وتوضيحها، ولكن الجانب الآخر جانب الحلول كان يعاني من التصحر والنضوب، وهذا يمثل نتيجة من احدى نتائج ثقافة عامة سائدة لدينا جميعاً وخاصة في مجال المعارضة السياسية حيث إنها في الغالب تقتصر على البحث عن المشكلات وابرازها وتوضيحها.
بينما لا نكاد نجد جهوداً تذكر في وضع الحلول، ويعود السبب إلى التشكل المنهجي العميق الذي ترسخ لدينا وأصبح منهجا في التفكير وطريقة معتمدة لدينا في تناول الموضوعات وبحثها ومعالجتها، ولا أقول ذلك من باب التخفيف من حدة النقد الموجه للحكومات ولا من أجل التغطية على عجزها وتقصيرها، وأنما من أجل البحث الدائم عن البديل الأفضل ومن أجل العمل على إيجاد البدائل القادرة على العمل في أي فرصة ممكنة ويجب أن يتم ذلك من خلال مناهج التربية والتعليم في المدارس والجامعات والذهاب نحو تغيير طريقة التفكير ومنهجية التعامل مع المشكلات عند الناشئه والأجيال الجديدة.
من أجل مغادرة مرحلة البكائيات والشكوى والتذمر إلى مرحلة أخرى جديدة تجعل الشاب قادراً على حل مشكلته الشخصية أولاً من خلال التعلم والتدريب على إيجاد المشاريع العملية على الصعيد الشخصي والمبادرات والتفكير خارج الصندوق.
طريقة البحث عن الحلول وابداع المنهجية الجديدة في التفكير الايجابي، لا يعني السكوت عن الخطأ ولا يعني الطبطبة على أفعال العاجزين وطريقة إدارة الفاشلين، ولكن يعني عدم استنساخ الفشل وعدم اعادة تدوير العجز والتخلف عندما يتم يحل الناقدون محل الذين تتوجه اليهم سهام النقد والاتهام.
الدستور - الاحد 21-10-2018