أطفالنا يتحدثون الأثيوبية بطلاقة!
أظهر استطلاع شمل أربع دول خليجية، ودولتين عربيتين أخريين، أن 53 % من أطفال الدول الست يمتنعون عن وجبة الإفطار، وعن دخول الحمّام، في حال غياب الخادمة في إجازتها السنوية!
وبعيداً عن التفاصيل الطويلة في الاستطلاع الصحفي، فقد اعترفت عشرون أما ممن شملهن الاستطلاع أن أطفالهن الذين دون الرابعة يبولون على أنفسهم في حال سفر الخادمة، ويمتنعون عن الاستحمام، ويرفضون أي وجبة تقدمها الأم أو الأشقاء!
واعترفت عشر أمهات أن أطفالهن ينادون الخادمة (ماما)، في حين أقرّت تسع أمهات من العشرين أنهن لم يصطحبن أطفالهن أبداً معهن في أي مناسبة عائلية أو زيارة أقارب، وكان الأطفال بشكل دائم تحت وصاية الخادمة!!
واعترفت سبع أمهات من العشرين أنهن تراجعن عن قرار اتخذنه بطرد الخادمة أو استبدالها، تحت ضغط أطفالهن لإبقائها، بسبب تعلقهم بها!
ولم تنكر الأمهات جميعاً، ممن شملهن الاستطلاع، أنهن يخضعن لابتزاز عاطفي من الخادمات، برفع رواتبهن، أو زيادة الامتيازات اللواتي يحظين بها، مستغلات تعلق الأطفال شبه المرضي بهنّ!!
فيما قالت سبع أمهات منهن إن أطفالهن لا يعرفون أي كلمة عربية!!
وفي المحصلة، يخلص قارئ هكذا معلومات، حتى لو افترضنا هامش الخطأ فيها، الى أن جيلاً كاملاً من الشباب العربي المقبل هو تربية الخادمات، وإن كان بشكل رسمي يعيش في بيته وفي حضن أمه! حيث اعتاد أطفال أغلب هذه الأسر، وأنا أعرف بعضها، أن ينام على حكاية من التراث والفلكلور الأثيوبي أو الفلبيني!
وأن يأكل من الأكلات الشعبية في بلاد الخادمة!
وأن يشجع المنتخب الوطني لبلادها!
وقد اعترفت لي إحدى الأمهات أنها اضطرت لمضاعفة راتب شغّالتها، ورضخت لجعل إجازتها الأسبوعية يومين، لإرضاء طفلتها التي لا تعرف لها أمّاً منذ ولادتها سوى هذه الخادمة؛ حيث الأم الحقيقية ناشطة في المجتمع المدني وحاضرة دائمة في فعاليات عديدة ومن حقّها، كما قالت بالحرف، أن تقضي نهاية الأسبوع بعيداً عن (قرف وحفّاظات الأطفال)!
أما الجانب الأكثر طرافةً، إن كان في ما تقدم شيء من الطرافة، فهو تعلقٌ من نوعٍ ثانٍ، وهو اعتماد الزوج على الخادمة في تفاصيل حياته، من تحضير العشاء إلى البحث عن الجرابات تحت السرير، الى اختيار ربطة عنق مناسبةٍ بسرعة، الى ترتيب مواعيد الضيوف واستلام مصروف الأولاد الأسبوعي وتوزيعه!
وفي حال أن الأم تأخرت في إحدى الفعاليات ليلاً فاضطرت لأن تتأخر في النوم صباحاً، أو أنها سافرت للمشاركة في أحد المهرجانات، فالخادمة مسؤولة عن كل (فعاليات) البيت، والأطفال مطيعون لها أكثر مما هم مع الأم أو مع الأب، لأن ذلك يأتي كجزء من صفقة؛ حيث يخضع الأولاد لكل ما تمليه عليهم، مقابل أن تقوم هي بالسكوت على ما يفترض أن لا تسكت عليه من تصرفات المراهقين منهم، وتمرير ما يجب أن يعرفه الأهل عن أبنائهم!
الغج - السبت 3-11-2018