مبادرة تمكين
تستحق مبادرة تمكين التي حصلت مؤخرا على الوسام الذهبي للريادة والإبداع العربي، أن تحظى بانعطافة إعلامية نحوها، ودعم القائمين عليها لما حققته خلال فترة عمرها القصير من إنجاز محلي وعربي يستحق الاشادة والثناء.
مؤسس المبادرة والداعم لها الدكتور محمد شحادة أبو عواد استطاع كمؤسس لفكرة المبادرة الفوز بالوسام الذهبي والمركز الأول، ونقل المبادرة من فكرة محلية لتكون عربية بامتياز، والتأسيس لعمل تطوعي نوعي ومتميز يعنى بالشباب ويدخلهم عوالم الخدمة المجتمعية، ويعزز من ثقافة الحوار التي نحتاج اليها جميعا، ما يؤمن إبعاد هذه الشريحة عن آفات المجتمع كالمخدرات والغُلو والتطرف.
وفق رؤيتها فان "مبادرة تمكين" تعنى بالمجتمعات التي تواجه صعوبات الحياة في مسيرتها وكذلك التحديات الصعبة مثل: ندرة فرص التعليم، التثقيف والتوعية، ندرة فرص العمل ومحدودية الموارد، وإهمال التحفيز وإغفال بناء القدرات وتطويرها وعدم العمل على تعزيز إنتاجيتها، ما يساهم في تفشي الجهل والفقر والبطالة واليأس، وعدم الحس بالمسؤولية.
وترى المبادرة أن ذلك من شأنه أن يحول دون إعطاء الفئات كامل حقها للحصول على حياة كريمة، وتعليم جاد، وبيئة صحية، ومسكن آمن، وعمل منتج، مما يخلق اضطرابات وزعزعة الإنتماء والولاء واللامبالاة، فتصبح العقول وقتذاك أرضية خصبة لاستقبال أفكار متطرفة ليست من عقيدتنا ولا عاداتنا ولا من أخلاقنا ما يؤدي لاثارة فوضى وتفكير منحرف.
وتؤكد المبادرة أنها تستهدف الشباب وطلبة المعاهد التقنية المهنية وطلبة الجامعات وخريجيها، كما تولي جل اهتمامها لفئة الشباب الذين لم يستطيعوا اكمال تحصيلهم العلمي، بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة، إضافة إلى فئة الشباب العاطلين عن العمل بسبب محدودية الفرص.
ويشدد الدكتور محمد شحادة أن "مبادرة تمكين" والقائمين عليها يؤمنون أن المرأة عصب الحياة وشريك أساسي في أي عملية تنمية اجتماعية ونهضة ثقافية وعلمية ومهنية واقتصادية وإنتاجية وسياسية، لذا فإن المبادرة تولي اهتماما كبيرا بتعليم وتثقيف وتدريب وتأهيل المرأة وتحفيز إنتاجيتها، ودعم دورها المهم في المجتمعات المستهدفة، إذ تعاني المرأة من تحديات لا حصر لها في زمن السلم أو في زمن الحروب أو الكوارث الطبيعية.
الرؤية التي تحملها مبادرة تمكين مشجعة، وهي رؤية تصل بنا لبناء مجتمعات سليمة بعيدة عن سلبيات العصر التي نراها يوميا، ونلمسها إن تصفحنا العالم الافتراضي الأزرق، وتلك الرؤى إن وجدت عناية وتطويرا فإنها ستنقل مجتمعاتنا وشبابنا على وجه الخصوص، وهم الذين يشكلون سواد المجتمع من مطرح لمكان آخر أكثر اتساعا وثقافة ومعرفة، لذا فان تلك الرؤى والمبادرات الايجابية يتوجب دعمها وخاصة إن كانت مبادرة تمكين وما على شاكلتها، تستهدف مجتمعات الأطراف و شرق عمان حيث الكثافة السكانية العالية، والتي يتوجب تعزيز العمل بينها، وزرع رؤى سليمة بين اوساط أهليها يبعدنا عن الأفكار السوداوية التي يحاول وحاول البعض زرعها في عقول شبابنا مستغلين الفقر حينا، والبطالة احيانا، وتدني فرص التعليم احايين أخرى.
اعتقد أن ما تقوم عليه مبادرة تمكين من خلال الالتفات لشرق عمان والأطراف خطوة سليمة يجب دعمها بكل الطاقات الممكنة وتدعيم بنيانها، فهناك حيث تختلف الوجوه والشوارع والمشاكل وحتى تختلف أعمدة الكهرباء، والانارة، ومناهل الصرف الصحي، وحيث لا ملاعب كثيرة، ومدارس متردية الإمكانيات في غالبها، ومساحات تهوية معدومة، ودور ثقافية محدودة، ومكاتب عامة نادرة، ومؤسسات ثقافية محصورة، يكون العمل، وبصبح للإنجاز معنى مختلفا.
تحفيز العقل، وتمكين المرأة، ودعم طاقات الشباب الإبداعية، وتوظيفها بما يخدم المجتمع، كلها رؤى من شأنها محاصرة بؤر الفقر، وهي ايضا طريقنا الواضح باتجاه تعزيز ثقافة الحوار والاستماع للآخر واحترام الاختلاف في الرؤى، والقضاء على كل ما من شأنه زرع بذور التطرف، فتحية لتلك الأفكار المجتمعية، ولكل من يسعى لزرع بذرة في بستان الإصلاح المجتمعي العام.
الغد - الاربعاء 21-11-2018