سيجارةٌ الكترونيةٌ مهربةٌ تلقى رواجا بين مدخنين الاردنيين

المدينة نيوز- اينال صبّاح وبركات الزيود- :  يُشعِلُ موظفون في دائرة حكومية سجائر "ميني فت" "MINIFIT"، التي تقتحم الاسواق بطريقة غير شرعية، لتجد رواجا بين مدخنين من فئات اجتماعية مختلفة، بمزاعم أنها "خفيفة وما إلها ريحة ولا تؤثر على المحيطين، لتباع الواحدة منها بما يصل الى 50 دينارًا.
وفي بلد يبلغ انفاق الأسرة فيه نحو 558 دينارا من دخلها على التبغ والسجائر، يجرِّبُ الشبابُ أيَّ نوع جديد من التدخين، مقتنعين بما يروج له تاجر سجائر " ميني فيت" بأنها تفتح الشهية وتغني عن التدخين وتزيد النشاط على الرغم من أنها تحتوي على مادة النيكوتين.
تشمل مروحة الاقبال على سيجارة "ميني فت" طلبة مدارس وموظفين، لتنضم الى انواع التدخين التي تظهر ارقام منظمة الصحة العالمية، ان الاردن يعد أكثر دولة من حيث أعداد المدخنين.
ويكشف تتبع ميداني لوكالة الانباء الاردنية(بترا)، ان تدخين هذا النوع الجديد من السجائر يجري في الأماكن العامة، اذ يرفض المدخنون الانتقال الى غرف التدخين الخاصة، والسبب في ذلك، حسب "معاذ" الموظف الحكومي، انها "غير مضرة بالصحة وتساعد على الاقلاع عن التدخين".
"معاذ" متيقن تماما بما نقله له بائع السيجارة الجديدة، فهي صغيرة الحجم يتم شحنها عبر أجهزة الحاسوب، وتعبأ بمادة تحتوي على خمسة في المائة من النيكوتين، وتكفيه تدخينا طوال اليوم وب 16 دينارا شهريا دون حساب المبلغ الاول الذي يدفعه للسيجارة الأم. طالبان في مدرستين حكوميتين بمحافظة الزرقاء في الصف العاشر تحديدا، يحملان سيجارة واحدة، ويستخدمانها بالتناوب وهما يعلمان أنهما في مكان عام يمنع التدخين فيه، قالا لـ(بترا)، إنهما تعرفا على السيجارة عبر احدى صفحات التواصل الاجتماعي وتم توصيلها لهما بمبلغ 50 دينارا.
"أخف من الدخان"، يؤكد الطالبان، معتمدين في روايتهما هذه على حديث البائع، الذي يقنع الزبائن بانها تساعدهم في الاقلاع عن التدخين، وأنها لا تؤثر على الآخرين، لكنهما يقولان انهما لم يسألا الأطباء المختصين عنها وعن تأثيراتها على العامة. يجلس المهندس عبدالله في احدى شركات القطاع الخاص، وحوله زملاؤه الأربعة، واحد منهم فقط حتى الآن لا يدخن، ولكنه مدخن سلبي بامتياز، فرغم اشارات التحذير ومنع التدخين في هذه المؤسسة إلا أنهم يدخنون هذا النوع الجديد من السجائر التي حصلوا عيها بأسعار متفاوتة وتم ايصالها لهم في موقع عملهم.
يؤكد عبدالله لزملائه أنه أصبح يشعر بتحسن كبير، بعد انتقاله الى هذا النوع من السجائر، إلا أن رأيه لا يستند الى رأي علمي بل يقتنع بصدق احساسه الذاتي، وهو الأمر الذي يرفضه متخصصون. وزارة الصحة تؤكد انها تمنع ادخال كل أنواع السجائر الالكترونية، عبر المراكز الحدودية الا بأمر خاص منها، وهي على كل حال ممنوعة في غالبية دول العالم. كيف دخلت هذه السيجارة الى البلاد؟، تتساءل الموظفة أحلام التي تقول إنها بدأت حديثا تدخينها بعد نصيحة إحدى زميلاتها بها، اذ أن سيجارة "ميني فيت" شفعت لها عند مسؤولها بعدم مغادرة مكان العمل الى الخارج للتدخين. مندوب (بترا) تتبع عملية دخول هذه السيجارة الى البلاد، والبداية دائما عبر المنافذ الحدودية التي تعود مسؤوليتها الى دائرة الجمارك العامة، التي أكد ناطقها الإعلامي "أن هذا النوع ممنوع دخوله الى البلاد وقد يكون دخولها بشكل فردي".
أعداد كبيرة يتم ضبطها ويتم التعامل معها رسميا، يضيف الناطق، اذ تتوفر لدى الدائرة أنظمة متطورة لضبط دخول الكميات التي يقصد بها التجار. الكميات التي دخلت الى الأسواق وتباع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تقع ضمن نطاق الاستيراد الخاص بوزارة الصناعة والتجارة، فالوزارة وحسب مدير التجارة فيها الدكتور عيسى الضمور "لم تمنح أي ترخيص أو موافقة لاستيراد هذا النوع من السجائر لأي تاجر". المؤسسة العامة للغذاء والدواء، أكدت انها لم تتلق أي شكوى بوجود هذا النوع من السجائر فهذه السلعة ليست ضمن اختصاص عملها حسب مديرها الدكتور هايل عبيدات. في مؤسسة المواصفات والمقاييس، أكد مصدر  "أنه وفي حال عثرت فرقها التفتيشية على هذا النوع الممنوع من السجائر فإن التعامل يتم معها وفقا للقانون، وبما يضمن سحبها من الأسواق وعدم تداولها".
لم تتلق أي شكوى حول هذه السيجارة، تؤكد المؤسسة، "وفي حال تلقيها يتم التحرك فورا للتحقق واتخاذ ما يلزم". في أحد أسواق غرب العاصمة عمان يبيع التاجر أيمن هذه السيجارة دون خوف، فبمجرد سؤاله عن توفرها يرد بـ"نعم"، وهو يروج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بصفحة خاصة.
يضيف التاجر موضحا أن هذه السيجارة تصل إليه قِطعا ويتم تجميعها دخل الأردن، وهذا يسهل عملهم ويصعب عمل الجهات المختصة، فمنعها لن يطول خصوصا بعد انتشارها وصعوبة الاستغناء عنها. استشارية أمراض الجهاز التنفسي للأطفال في وزارة الصحة الدكتورة حنان سرافي، تقول إن التدخين السلبي يزيد خطر الإصابة بأمراض الرئة المزمنة لا سيما الربو القصبي والانف التحسسي والتهاب الملتحمة التحسسي.
تؤكد سرافي ان التدخين السلبي يعرض المرأة الحامل لعدد من المشاكل الصحية ومن أبرزها نقص وزن الجنين.
دراسة علمية أشرفت عليها جمعية السرطان الاميركية أفادت بان الأشخاص البالغين غير المدخنين أكثر عرضة للموت جراء أمراض الرئة الخطيرة اذا نشأوا في طفولتهم مع آباء مدخنين بحسب الدكتورة سرافي.
الطبيبة تلفت إلى أن التعرض لدخان السجائر لمدة 10 ساعات اسبوعيا يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب الناجمة عن قلة وصول الدم والأوكسجين الى أنسجة القلب. الحل لكل المشاكل الناجمة عن التدخين بحسب سرافي، هو الاقلاع عن التدخين، وليس الانتقال الى انواع أخرى من التدخين، واللجوء إلى عيادات الاقلاع عن التدخين، التي توفرها وزارة الصحة وتقدم أدوية وطرقا علمية تساعد بالإقلاع نهائيا عن التدخين بما يوفر جسما سليما صحيا معافى. توضح الوزارة عيادات الاقلاع عن التدخين تقول أرقام وزارة الصحة، انها توفر عددا من العيادات من بينها واحدة في مركز عمان الشامل ويشرف عليها طبيب استشاري مختص، وتعمل يومي الاحد والأربعاء من كل أسبوع.
تشير أحدث الإحصاءات الرسمية إلى أن معدل إنفاق الأسرة الأردنية على التبع والسجائر جاء في المرتبة الثانية بمبلغ 558 دينارا، وبلغت الأهمية النسبية للإنفاق على التبغ والسجائر 4.5 في المائة.
وفي أرقام القضايا المسجلة هذا العام 2018 تبين وجود 400 قضية مسجلة ضد مخالفات التدخين في الاماكن العامة.
تبين أرقام امانة عمّان الخاصة بمكافحة التدخين تسجيل 916 مخالفة وانذارا منذ بداية العام الحالي لغاية مطلع شهر تشرين الثاني، استنادا لقانون الصحة العامة رقم 47 لعام 2008، توزعت بين 85 مخالفة تحت بند عدم الحصول على الترخيص اللازم لبيع منتجات التبغ ومشتقاتها وتقديم الأرجيلة، وتحرير 618 مخالفة تحت بند التدخين في الأماكن العامة والحدائق. وفيما يتعلق بمخالفة الشروط الصحية لأماكن تقديم الأرجيلة وشروط الفصل وعدم توفر المتطلبات الخاصة في أماكن تقديم الأرجيلة تم تحرير 83 مخالفة، وتوجيه 240 إنذارا لموظفين مدخنين في أماكن عملهم.
وسجلت فرق الأمانة الصحية 36 مخالفة تحت بند تواجد من هم دون سن 18 عاما في مناطق تقديم منتجات التبغ والاراجيل، إضافة لتحرير 70 مخالفة تحت بند الاعلان والترويج عن منتجات التبغ والأراجيل، و4 مخالفات بحق محال تقدم الارجيلة لمن هم دون سن 18 سنة.
وحددت المادة 63 من القانون العامة عقوبات تمثلت بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر أو بغرامة مالية لا تقل عن 15 دينارا ولا تزيد عن 25 دينارا في حال القيام بتدخين أي من منتجات التبغ في الأماكن العامة المحظور فيها التدخين، وسماح المسؤول عن المكان العام المحظور التدخين فيه لأي شخص بتدخين أي من منتجات التبغ ، وعدم الاعلان عن منع التدخين في المكان العام، وبيع السجائر بالتجزئة، ويعاقب الشخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن ستة أشهر أو بغرامة مالية لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد عن الف دينار في حال تدخين أي من منتجات التبغ في دور الحضانة ورياض الاطفال في القطاعين العام والخاص او السماح بذلك، وعرض أي من منتجات التبغ خلافا للشروط والاحكام التي يحددها الوزير في القرار الذي يصدره للغاية، طبع أو عرض أو نشر أي اعلان لأغراض الدعاية لأي من منتجات التبغ أو توزيع اي نشره او ادوات او مواد للتعريف به ، إضافة لوضع ماكنات لبيع منتجات التبغ ، وصنع أو استيراد مقلدات منتجات التبغ.
منظمة الصحة العالمية أكدت مؤخرا أن تعاطي التبغ في الأردن خطر كبير يهدد الصحة العامة، وأن واحدا من بين كل اثنين بالغين يدخن السجائر، وهي نفس النسبة تنطبق على التدخين السلبي.
حالة وفاة واحدة من بين كل ثماني وفيات تعزى إلى تعاطي التبغ حسب المنظمة، وهي إحصائية تعد أسوأ بكثير من مثيلاتها على مستوى العالم حيث تعادل حالة واحدة من بين كل عشر وفيات. العبء الأكبر على الصحة العامة هو التبغ حسب أرقام صادمة للمنظمة التي أكدت أن التبغ يتسبب بوفاة ما نسبته 12% من مجمل الوفيات في الأردن خاصة من تجاوزت الذين تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، وهو المتسبب بالوفيات الخاصة بالأمراض التنفسية وبنسبة 34 %، ومن السرطانات 18%، ومن أمراض القلب والأوعية الدموية 13%.
الاردن صادق في العام 2004، على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ الصادرة عن المنظمة وهي معاهدة دولية ملزمة من الناحية القانوني، وصدر قانون مكافحة التبغ في المملكة عام 2008، وتم تعديله عام 2017.