تونس وحركة النهضة .. الى اين ؟
من المنتظر ان تشهد تونس مزيدا من الاحتقان السياسي بعد أن وصلت قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي الى المحاكم ، من خلال اتهام مباشر لحركة النهضة ، وهي قضية كانت في " درج " الرئيس السبسي جاهزة للإستخدام وقد آن أوانها ، ويبدو أن رفض النهضة مجاراة الرئيس بخصوص رئيس الحكومة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، فتم اخراج هذه القضية من الدرج وإشهارها في وجه حركة محافظة كانت الى وقت قريب حليفا مهما وشريكا في إدارة البلاد .
على نفسها جنت براقش ، هكذا علق خصوم الحركة ، فالنهضة ، لم تدرك لغاية الآن ، أن مجاراتها للسبسي في مختلف القضايا الحساسة ، حتى الدينية منها باستثناء قضية : الأرث الاخيرة ، وإشعالها أصابع اليدين والرجلين للرئيس وحزبه وللدولة العميقة ، لن ينجيها من مصير محتوم قد يدفع بها الى العمل تحت الأرض ، وحينها ، فإن صراع الثمانينيات من القرن المنصرم مع تيارات بعينها في تونس لن يكون سوى عصفة خريف ، ولكن هذه المرة ستكون مختلفة مع رئيس مسنود من القوى العلمانية ومن النقابات ومن الجمعيات المماحكة للتيار الاسلامي النشط والخطير وفق ما يرى خصومه .
كانت النهضة تعتقد بأنها في منأى عما حدث ويحدث للإخوان في مختلف البلدان ، من خلال خطابها الحداثي ، والذي لم يتمكن من تطهيرها من شوائب الإتهام حتى بعد أن قررت فصل الدعوة عن الدولة ، أي فصل الدين عن السياسة ، حيث لا زالت هي نفسها : النهضة التي لن يكون بالإمكان سلخها عن أدبياتها ومواثيقها الساعية الى الهيمنة على تونس وعلى شعب تونس الذي ناضل منذ ثلاثينيات القرن المنصرم من أجل حكم مدني عتيد .
إن ما يجري في تونس مع حركة النهضة ، خطير للغاية ، ذلك أن هذه الحركة الاخوانية لن تسمح ابدا باستلاب ما تعتبره حقوقا مشروعة لها ، ولربما نشهد عما قريب منها تشنجات ومواقف "داعشية " قد تصل الى نقطة اللاعودة فتعصف بالوطن التونسي لا سمح الله خطوب لا قبل لتونس بها ، الأمر الذي يتطلب من جميع التونسيين الإنتباه لكي لا تضيع مكتسبات مهد الربيع العربي بين قدمي حركة اخوانية أنانية تتقن استخدام التقية الدينية والسياسية بكل براعة .
د.فطين البداد