لكي لا نعود للعنف من جديد!
مؤسف جدا ما حدث في جامعة البترا يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن عاث مقتحمون بحرمة الجامعة، وأدوا إلى نشوب مشاجرة كبيرة، أصيب فيها طلبة ممن جاؤوا إلى الجامعة لتلقي العلم، ولكي يعيشوا مع زملائهم حياة آمنة داخل أسوار الجامعة.
قد نتفهم أن ينشب خلاف بين الطلبة أنفسهم، وقد يتطور إلى مشاجرة. ولكن ما لا نفهمه هو أن يتورط أناس من خارج الجامعة بعنف كبير من أجل الاحتجاج على قرارات إدارية من الجامعة!
الاقتحام الفاضح لحرم الجامعة، وبحسب الإدارة، جاء على خلفية مشاجرة سابقة حققت فيها واتخذت قرارات بفصل سبعة طلاب متورطين. لكن هذا الأمر لم يعجب أهالي أولئك الطلبة، لذلك خططوا لـ"غزوتهم"، وانتهكوا حرم الجامعة من خلال تحطيمهم إحدى البوابات الرئيسية، دون أي احترام للحرم الجامعي، ولا لقدسية دور العلم!
البشاعة التي تم فيها الأمر أعادنا إلى سنوات قليلة مضت، يوم "ازدهر" مصطلح "العنف الجامعي"، من خلال عشرات المشاجرات الجامعية التي اندلعت خلال أشهر معدودة، وفي العديد من الجامعات الحكومية والخاصة.
حينها، كان التعليم كله "على كف عفريت"، فقد أدى ذلك العنف إلى تعطل الدراسة في العديد من الجامعات، وأصبحت البيئة الدراسية غير صديقة للطلبة، ولا هي آمنة لهم.
أتذكر الكثير من النظريات التي قيلت حينها في محاولة لتفسير هذا العنف الذي ابتلينا فيه بذلك الحجم من غير سابق إنذار، وأذكر أن بعضها كان يحمل صفة "نظرية المؤامرة" التي تشير إلى تورط جهات بعينها في هذا العنف للفت الأنظار بعيدا عن قضايا جوهرية. ورغم أن جميع النظريات لم تثبت صحتها، لكن المهم هو أن تلك الحقبة انتهت على خير، وعاد الهدوء إلى الجامعات من جديد.
اليوم، نضع أيدينا على قلوبنا حين نشاهد الانتهاك الفاضح لحرمة جامعة البترا، والعنف الكبير الذي اندلع في حرمها، فنحن لا نريد أن نعود إلى سنوات مضت، وأن يعود مصطلح "العنف الجامعي" إلى الظهور من جديد، مهددا أبناءنا وعملية التعليم برمتها.
إن كنا نريد علاجا فعالا، فينبغي أن يتم التعامل مع هذه القضية بحزم وصرامة، وضمن القوانين المرعية، سواء القوانين الداخلية للجامعة التي من المفترض أن يخضع لها الطلبة المتورطون، أو قوانين الدولة التي يجب تطبيقها على الطلبة وعلى مقتحمي الجامعة.
بدون ذلك، فنحن نفتح بابا واسعا للعنف والقلاقل وعدم الاستقرار. كما أننا نطيح بسنوات الهدوء التي أعقبت زوبعة كبيرة من العنف الجامعي والمجتمعي الذي عانينا منه جميعنا.
الغد - الجمعة 7-12-2018