حين فزتُ عليّ
خرجتُ من البيتِ خائفاً مُسرعاً..أحمل أوراقاً تحت إبطي..شغّلتُ سيارتي وأنا أردّد بصوت مسموع: لازم أنجح..لازم أفوز..! وصلتُ إلى مكتبي..سلّمتُ عليّ بحرارة..قلتُ لي: مشتاقلك ..وينك من زمان ..! أجلستُني..صببتُ لي القهوة..شربتها وأنا خوفي يزداد فأنا لا أضمن ماذا يمكن أن أقول لي..!
بهدلتُني..قسوتُ عليّ..لكنّي كي أفوز وأنجح اضطررتُ لأن أحسن الاستماع لي..وبعد أن أنهيتُ الاستماع البهدليّ لي ؛ قلتُ لي: خلصت ؟ من حقّي أن أردّ عليّ..فهززتُ رأسي إليّ ..وفتحتُ أوراقي التي كانت تحت إبطي..وفقعتُني خطاباً شاملاً..مليئاً بالحماس..مليئاً بالوعود..مليئاً بحلفان الأيمان..والصراحة أكثر في آخر خطابي لي ؛ عزمتُني على مطعم..رشوتُني..وأجبرتُ نفسي على القبول..!
بعد أن غسلتُ يديّ..وفي لحظة الشفطة الأولى من القهوة..خجلتُ منّي..فقد أطعمتُني..وأنا أعرفُني..لذا وعدتُني أن أنتخبني ..فتبدّد خوفي بعد أن عاهدتني ألاّ أخونني وألاّ أبدّل عنّي لمرشح آخر..!
يوم الانتخاب..كنتُ وفيّا معي..لم أفكّر كثيراً وأنا أختارُني..وأنا أكتبني في الورقة..وفعلاً انتخبتُني..ولم أقبل أن أفوز بالتزكية..لذا فزتُ عندما ترشّح أنا وأنا..واخترتُ بيني وبيني..وفزتُ أنا..فزتُ عليّ..وهزمتُني..ولكنني فزتُ عليّ..!
ما أجمل الانتخاب في أوطاننا..!! تتعب وأنت تقنع نفسك أن تترشح..وتتعب وأنت تنتخب نفسك..وتتعب حين تفوز على نفسك..فلا يوجد في هذه الأوطان من يستحق الفوز عليك إلا أنت..!
الدستور-الثلاثاء-11--12-2018