أيام الحارة القديمة
قبل اكثر من اربعة عقود كانت الهواتف ارضية وليس سهلا تركيبها في البيوت لمحدوديتها وكان على الراغبين بالاشتراك التسجيل في الاتصالات والانتظار على الدور، أنذاك كان في الحارة القديمة بإربد ممن امتلكوا اشتراكا منهم ابو خلف وابو فخري وابو حسين الضامن وغيرهم ايضا. وبطبيعة الحال فإن المراهقة وشقاوة الابناء هي نفسها دائما ولكنها تتغير من شكل الى اخر ما بين مرحلة واخرى، انذاك كان التلفون وسيلة للاتصالات العبثية من قبل الاولاد وبما يشكل ازعاجا للطرف المطلوب كلما تم اغلاق الخط بوجهه كون المراد ان يرد شخص آخر.
كانت تقنية مراقبة الهواتف موجودة وكان يتم ضبط المزعج في حال الشكوى، وحصل ذلك مرارا ويكون التوبيخ والعقوبة من الآباء وسيلة الردع بعد تبليغهم من الاتصالات والمتهم دائما نفسه في كل الحالات وهم الذين في سن الشقاوة طبعا. وفي مرة تلقى ابو حسين بلاغا بإزعاج صادر من تلفون منزله، فما كان منه في اليوم التالي إلا ان فك التلفون ووضعه في كيس ليأخذه معه الى دكانه، وشاهد ابنه زياد الامر ولم يرق له وكان اصغر من المتهم الحقيقي جميل فقال لوالده بعتب وزعل «انشا الله يرن معك بالكيس وانت بالطريق».
مرت الايام وها هي دعوة زياد تتحقق اذ كل التلفونات الان بترن وهي في الكيس او الجيب والحقائب. كانت اياما ولا اجمل، وامس رد جهاد بن ابو عمران السكران وهو اصغر مني سنا على مقال امس عن التزلج على الزينكو مذكرا إياي كيف نال «شلوتا» مني عندما كان يتزلج على درج الحارة فوق لوح زينكو، مسببا الازعاج وكيف امطرني بالحجارة وهرب لكي لا ينال «شلوتا» آخر .
الازعاج هذه الايام لا يتأتى من المراهقين والصبية وانما من الحكومات والنواب ومن هم كبار بالاسم اكثر منه بالفعل ومن غيرهم متسلطين ومتنفذين، والمشكلة ان تقنية الرقابة عليهم معدومة اذ يعيثون فسادا في كل الاتجاهات ولا بلاغات عنهم لينالوا اي عقوبة وانما توفير الحماية لمن يتم ضبطه صدفة او قصدا!
السبيل- الاربعاء 16-1-2019