عن اقتصاد ايران ووثيقة صالحي واستفتاء فلسطين
تحل الذكرى الاربعين لما يسمى ثورة الخميني ، ونظام الملالي في ايران يعاني أزمة اقتصادية وسياسية خانقة يأبى النظام الاعتراف بها ، لولا ما قاله الرئيس الايراني واعتبرها البعض فلتة لسان عن انها أزمة لم يشهدها النظام منذ 40 عاما ، بعد أن أكد عدم قدرته على تصدير النفط .
ومما يثير الضحك تلك التصريحات العنترية التي يطلقها الحرس الثوري والذي يبتلع أكثر من ثلثي الموازنة العامة ، حينما يخرج كل يوم بتصريحات تكشف عن رعب النظام من السخط الشعبي وانعكاسات اشتداد الحصار على مختلف القطاعات ، والأهم على معيشة الفرد الايراني الذي سئم هؤلاء المتسربلين بالدين ، القادمين من ظلمات العصور الوسطى .
بعض ما يثيرك من ضمن تلك التصريحات ( سنتوقف عند أهم تصريح بعد قليل ) هو ما يروجه أزلام النظام عن قوة الاقتصاد الايراني وحكمة خامنئي في ادارة دفته ، وكان آخر تصريح من هذا الطراز هو ما قاله رئيس لجنة الامن القومي الايراني حشمة الله فلاحاتبيشة عبر لقاء مع قناة روسيا اليوم ، عن أن اقتصاد ايران يحتل المرتبة الثامنة عشرة على مستوى العام ، ليضعك مثل هذا التصريح وأشباهه في كيفية تفكير هؤلاء وثقافتهم المبنية على الخيال والكذب والتضليل كما سبق وضربنا عدة أمثلة عن تصنيعهم طائرات تخرج من البحر وإذا بها فوتوشوب بلسان الاتحاد الاوروبي ، وأخرى مقاتلة نفاثة تبين أنها أف 5 الامريكية الموجودة منذ عهد الشاة ، تم طلاؤها بطريقة غبية وغير ذلك من اختلاقات ، دون أن ننفي قدرة ايران على تصنيع صواريخ وأعتدة مختلفة كان داعش يصنعها في اقل من 4 سنوات من حكمه الارهابي ، ليكون آخر تقليعات الحرس التي اعلن عنها السبت تصنيع صاروخ يصل مداه الى 1300 كيلو متر .
ولا ندري ، كمراقبين ، كيف يستقيم أن يكون الاقتصاد الايراني قويا ويحتل المرتبة المذكورة وفق ما قاله رئيس اللجنة المذكور ، في نفس الوقت الذي تنهار فيها العملة الايرانية لمستويات لم يشهدها سوق العملات منذ اربعين عاما ، اي منذ جاءت ثورة الخميني مبشرة بالتغيير نحو الافضل ، وإذا بها تبشر بإعلان " ولاية الفقيه " التي تعني ضرب استقرار المنطقة واحتلالها أو تخريبها ، والثأر لآل البيت من " النواصب الأنجاس " .
وإذا كان التفاؤل بين أوساط الحكومة الايرانية نابعا من الموقف الاوروبي حول انشاء آلية للتعامل مع ايران بعيدا عن القيود الأمريكية ، وهو ما أعلنه الاتحاد الاوروبي الخميس ، فإن من نافلة القول التأكيد على أن الموقف الاوروبي متذبذب بسبب أن الحكومات لا سلطة لها على الشركات التي فرت من ايران وجلها شركات عالمية كبرى ، ناهيك عن أن هذه الآلية لا زالت تفاصيلها في علم الغيب ولا يعرف أحد هل ستصمد أمام الضغوط الامريكية أم لا .
إلا أن ما يدفعك للتوقف وبكل حذر ، هو ذلك الموقف الايراني الذي لم يلتفت اليه أحد من المراقبين راهنا ، حيث لاحظنا من خلال اللقاء المذكور كيف أن ايران بدأت تسوق فكرة الاستفتاء في فلسطين ، وهو المقترح الذي سجلته باسمها في الأمم المتحدة بعد ما سمي بالمؤتمر الدولي الأول للصحوة الاسلامية الذي عقد في طهران في سبتمبر من عام 2011 ، حينما أكدت معارضتها لتقسيم فلسطين ، مطالبة باجراء استفتاء في كل فلسطين يشمل اليهود والعرب ، وهو ما أكده حشمة الله عندما قال للقناة الروسية " إننا لا نسعى لتدمير اسرائيل ، بل نحن سبق وقدمنا ذلك المقترح للأمم المتحدة ليتم تثبيته باسم ايران وعلى جميع من في فلسطين الاشتراك في الاستفتاء سواء من اليهود ام من العرب ، مقللا من أهمية ما يقوله المتشددون عن ابادة اسرائيل وغيره .. مع التذكير بأن هذا التصريح كان أطلقه خلال المؤتمر وزير خارجية ايران آنذاك علي اكبر صالحي .
ونعتقد جازمين ، بأن إعادة الحديث عن موقف ايران من اسرائيل يجيء لاقناع اوروبا والعالم بأن ما يقوله الحرس الثوري عن ابادة اسرائيل ليس صحيحا، بدليل ذلك المقترح الذي يربض في ارشيف الامم المتحدة ، والذي يتلخص معناه في أن كل من يقطن فلسطين المحتلة هم فلسطينيون بمن فيهم ليبرمان الروسي ونتنياهو البولندي ومن على شاكلتهما ، بغض النظر عن نسبة أعداد هؤلاء الى هؤلاء سواء داخل الخط الاخضر ام في الضفة .. ويعلم العالمون بأنه لا غرابة في الطرح الايراني الجديد القديم ، ذلك أن ايران نفسها تحتل مساحات واسعة من محيطها وخاصة مقاطعات البلوش والاهواز والاذريون والاكراد والعرب والجيلاك ، اي أنها دولة محتلة شأنها شأن الكيان العبري ، فلا غرو إذن في أن تعيد احياء مبادرتها المذكورة .
وكما تساءلنا أكثر من مرة : متى سندرك أن التنافس بين اسرائيل وايران هو على تقاسم المصالح في المنطقة فقط ، وليس بسبب العداء ودعاوى الاجتثاث الجوفاء ؟؟ .
جى بي سي نيوز - الاحد 3-2-2019