أحداث السلط.. ما بعد مراسم التشييع
في الأردن لا شيء یوحد مشاعرنا ویثیر في نفوسنا التقدیر والاعجاب اكثر من مواقف اجھزتنا الأمنیة وكوادرھا التي لا تتوقف عن التضحیة ولا تتردد في بذل ارواحھا في سبیل الوطن والحفاظ على أمنھ واستقراره. الاسبوع الماضي كان اسبوعا حزینا سقط فیھ ثلاثة شھداء في حادث مؤسف آخر. ھذه المرة لم یكن شباب اجھزتنا الأمنیة في مواجھة ارھابیین او في مطاردة لعصابة اشرار ولم توجھ لھم فوھات بنادق ولا نیران رشاشات معادیة، بل حضرت قوة أمنیة إلى مزرعة على اثر انفجار لغم ذھب ضحیتھ عامل زراعي لیجدوا انفسھم ضحایا لانفجار لغم اخر فیستشھد اثنان ویصاب سبعة آخرون منھم من كانت اصاباتھ خطیرة. في مشاھد مھیبة تشیع ماحص وسوف جثامین الشھداء بحضور رسمي واھلي یدلل على اھمیة الحدث وجسامة آثاره على المؤسسات والاسر. في القبلات التي طبعھا اللواء فاضل الحمود على جبین والد الشھید الجالودي رسائل كثیرة لیس اقلھا وحدة الشعور بالفقد و تقدیر الوطن للاسرة وكل الاسر التي قدمت فلذات اكبادھا لخدمة الأمن والقیام بالواجب. في مثل ھذه الاجواء وفي حضرة الشھادة وجلال المناسبة یحجم الجمیع عن الاسئلة التي تثور في الاذھان ونعمد إلى تأخیر طرحھا احتراما لدموع الآباء وبكاء الاطفال واحزان الامھات. الكل یستغرب سرا او جھرا وقوع مثل ھذه الخسائر. لقد عرفنا وتعلمنا وتربینا كجنود وجمھور لقواتنا المسلحة ان لدى الأردن خبراء متفجرات وسلاح ھندسة مدرب على التعامل، خاض الحروب وفكك الالغام وزرع الحقول ومشط الحدود وساعد دول العالم في برنامج نزع الالغام. العدید من المراقبین انتظروا البیان الرسمي عن الحادث لیتبینوا قبل ان یدلوا بتعلیقاتھم حول ما حدث. وقد تفاجؤوا بأن المتفجرات الموجودة في الموقع تحمل مواصفات المواد التي استخدمتھا الخلیة الارھابیة التي فجرت مبنى السلط عندما تمت محاصرتھا وقبیل القاء القبض على افرادھا في نفس المنطقة في الشھور الماضی
الاسئلة التي اثارھا البیان الحكومي تتعلق بنوعیة الاجراءات الأمنیة التي اتخذت في المنطقة بعد القاء القبض على العصابة وفیما اذا تطرق التحقیق مع افرادھا لأماكن ونوعیة الاسلحة والمتفجرات وفیما اذا كانت ھذه المتفجرات قد زرعت قبل او بعد القاء القبض علیھم. وأیضا فیما اذا اخذ الفریق الذي توجھ لموقع الانفجار بعین الاعتبار امكانیة ان یكون ھناك مصائد مزروعة للنیل منھم ام انھم تفاجؤوا بالانفجار. أم أن ألغاما جرى تفجیرھا عن بعد، كما ترجح روایات شعبیة. الاسئلة التي یمكن ان تطرح كثیرة ومتنوعة والاجابات علیھا یمكن ان تساعد الادارات والكوادر ایجاد سیناریوھات للتعامل مع الحالات التي قد تطرأ لا سمح الله. اجھزتنا الأمنیة التي كانت وستظل موضع ثقتنا تحتاج إلى كل دعم وثقة وتأیید كما تحتاج إلى ان تراجعا من وقت لآخر من اسالیب العمل وكفاءة التدخل، لتتمكن من الوصول إلى افضل مستویات الاداء التي تلیق ببلدنا وشعبنا وتاریخھا وسمعتھا وكوادرھا الذین نكن لھم كل محبة وتقدیر.
الغد - الاحد - 17-2-2019