أسلاك شائكة
« كل شيء إمّا ان يكون عنك أو من أجلك أو ضدّك «
هكذا تختزل روز بطلة رواية « لقيطة اسطنبول « للكاتبة التركية أليف شافاق مشاعرها والتي تعتبرها مشاعر المراهقين تجاه الناس من حولهم.
نفس المشاعر تحيط بنا لدى كثير من الناس حتى ممن تجاوزا مرحلة المراهقة العُمْريّة ، وبات التعامل مع هؤلاء أشبه بالتعامل مع الأسلاك الشائكة ؛ لا تدري من أين تمسكها بحيث لا تجرحك.
لهذا نجد صعوبة في مناقشة هذه الفئة من الكائنات، هذا إذا سمحوا لك بمناقشتهم، إذْ يعتقدون ان العالَم محصور فيهم، وأن الكائنات تدور في فَلَكهم، وهم الذين يملكون مفاتيح كل الغُرَف .
هذه مجرد تخيّلات تتعلّق بهم، وهم أحرار بما يتخيّلون.
فإذا اعتبروا كلامك عنهم « مديحاً « ارتفعت أسهمك عندهم، وصرت من المؤلفة قلوبهم ، وإذا ظنوا أن كلامك يحمل « غمزاً ولمزاً « خرجت أنيابُهم .
أما إذا ظنوا أن الكلام من أجلهم وأنك وغيرك تعمل لمصلحتهم ، فإنهم يضعونك في الدائرة المقرّبة، وعندها تحظى بالخير العميم.
لكن المشكلة كما تقول الرواية التركية، في اعتقاد هؤلاء المراهقين أنك ضدهم . فيصبحون مساكين وضحايا سوء الفهم وسوء الظن و سوق على مهلك.. سوووء .
أمّا إذا كبروا وتمسكنوا حتى تمكّنوا، فإنهم سوف يبطشون بك وبكل من يعتقدون أنه ضدّهم .
وقد نجحت الكاتبة في تجسيد شخصية السيدة « روز « التي تنفصل عن زوجها الأرمني باحثة عن حياة جديدة، فتجد الحب والحنان لدى مصطفى الذي تلتقيه صُدفة أثناء تسوّقها في السوبر ماركت .
من روعة بعض الروايات، أنها ترصد لك سلوكيات من جوانب نفسية واجتماعية ضمن سرد ولغة أدبية. فتجعلك لا تميّز بين ما هو في الواقع وما هو في الخيال .
رواية « لقيطة إسطنبول « لأليف شافاق تصف العلاقة بين الأتراك والأرمن خلال عائلتين الأولى تركية تعيش في اسطنبول، والثانية أرمنية تعيش في الولايات المتحدة التى تنجم بينهما قرابة منذ أجيال بعيدة مرتبطة بـ الإبادة كما تقول الرواية، ولا يعرف عنها الأحفاد، وتروي قصة فتاة أرمنية هاجرت عائلتها من بلدها إلى الولايات المتحدة. وهي من أجمل أعمال الكاتبة التي باتت من اهم الروائيين في العالم، وهي صاحبة رواية « قواعد العشق الأربعون «.
الدستور - الاثنين 18-2-2019