أسس ومعايير السلام الجديدة .. أمريكيًا
وصل الاستخفاف الامريكي بالحقوق العربية الى مستوى يفوق التجاهل والاستهتار والتندر، وبعد مضي اكثر من سبعين عاما على المماطلة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وقطع الطريق على تطبيق اي قرار يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني بسيف الفيتو الامريكي المشهر في مجلس الامن الدولي منذ اثنين وسبعين عاما، مدافعا عن الاحتلال الصهيوني وحاميا لاجرامه وارهابه وسياساته وممارساته الاستيطانية والتهويدية وغيرها في فلسطين المحتلة، يخرج علينا وزير الخارجية الامريكي بومبيو ليبشرنا بأسس ومعايير جديدة للسلام في الشرق الاوسط، الاسس تقوم في الاساس على مبدأ ما أخذ بالقوة سيحتفظ به الاحتلال بالقوة، وهذا رد صريح على الشعار العربي الفلسطيني ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة، اما المعايير الجديدة فهي، بحسب بومبيو، ان تحقيق السلام على اساس انسحاب الاحتلال الاسرائيلي من القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان ووقف الاستيطان، والعمل على تنفيذ جميع القرارات والمبادرات التي شكلت مقترحات لحل الصراع العربي الاسرائيلي والوصول الى سلام شامل وعادل ودائم في المنطقة ..فشلت، ولا بد من عكس هذه المفاهيم جميعا بحيث يتم التوصل الى سلام وانهاء الصراع العربي والفلسطيني الصهيوني، من خلال احتفاظ الاحتلال بجميع الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وامكانية توسع الاحتلال مستقبلا على حساب اراض عربية جديدة، اي ان المعايير الامريكية الجديدة للسلام، تنسف قرارات الشرعية الدولية وارادة وتوجهات المجتمع الدولي، وتعزز مفاهيم الاحتلال واغتصاب الارض والحقوق وحرية وارادة واستقلال الشعوب، وتدافع عن الطغيان والاعتداء على الآخر، وتمنع حق تقرير المصير للشعوب المحتلة والمضطهدة، وتشجع استلاب الحريات وممارسة الارهاب والاجرام اليومي بحق الشعوب المحتلة.
المخطط الاسرائيلي الامريكي المعد لضم الضفة الغربية، وفرض السيادة الاسرائيلية عليها باعتراف رسمي امريكي، سيتم تنفيذه على مراحل وبشكل تدريجي على ما يبدو، بحيث يبدأ ربما قبل اجراء الانتخابات الاسرائيلية او بعدها مباشرة، بضم الكتل الاستيطانية الضخمة في القدس والضفة الغربية المحتلة للكيان المحتل، ومن ثم المنطقة (ج) التي تقع تحت السيطرة الاسرائيلية امنيا واداريا وتمثل حوالي ستين بالمئة من مساحة الضفة الغربية، وبعد ذلك يعترف ترامب بالسيادة الاسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، وقد يتبع ذلك او يتزامن معه اعتراف امريكي اسرائيلي مشترك بدولة فلسطينية موسعة في قطاع غزة فقط، ثم يلي هذا المخطط المطالبة باحتلال اراض اخرى للتوسع ونقل المستوطنين اليها، وهكذا يتم تنفيذ مخطط التغيير الجغرافي والديمغرافي في المنطقة، وفقا لرؤيتهم.
كل هذه الافكار الامريكية الاسرائيلية سيتم طرحها على الدول العربية، التي بدورها تستطيع ان تفشلها وتمنع تطبيقها من خلال تمسكها القوي بالاسس والمعايير العربية والدولية للسلام، ويشكل انعقاد القمة العربية اليوم في تونس فرصة ذهبية لتاكيد الاجماع العربي على هذه الاسس والمعايير ورفض التلاعب بها من قبل امريكا واسرائيل.
الدستور - الأحد 31-3-2019