الملك ينتفض من أجل الأمة
على الرغم من محاولات التفكيك التي تستهدف النظام العربي وتباين بوصلة التوجهات لدى مجتمعاته، نتيجة التدخلات الدولية والتجاذبات الاقليمية، إلا أن مشروع النهضة العربية ما زال مطروحاً، بل وقائماً في فكر جلالة الملك عبداالله الثاني وهذا ما كان واضحاً في خطابه الأخير بالقمة العربية التي عقدت في تونس، عندما دعا جلالته إلى أهمية مجابهة التحديات التي تواجه الأمة وتهدد حالة السلم فيها، عبر مزيد من التعاون الوحدوي وذلك بتغليب آليات العمل التشاركي الجماعي على فردية التعاطي مع التحديات التي تواجه النظام العربي لاسيما في القضايا المركزية وفي مواجهة الارهاب كما في العمل التنموي المشترك، فإن المرحلة التاريخية التي تشهدها المنطقة بحاجة إلى تظافر الجهود الوقائية التي تقي النظام العربي من عاتيات تدابير الليل بهدف بعثرة قواه بواسطة انضواء بعض الدول مع هذا التحالف أو انخراط آخرين في صفوف ذلك المحور بواقع اختلاق أعداء لهذا الطرف أو افتعال أزمة لذاك وصولاً إلى شق الصف العربي وتهديد سلامة مجتمعاته واضعاف حجم تأثير نظامه باعتباره حماية لمجتمعاته ورافعة لقضاياه من على مسرح الأحداث مما يؤدي إلى تلاشي نفوذه الجيوسياسي في المنطقة. ولقد بات واضحاً للجميع أن المنطقة تحوي ثلاث قوى محورية إقليمية هي إسرائيل وتركيا وإيران تتنافس فيما بينها على الأرض العربية حيث تمتلك كل منها قوة ونفوذاً إضافة إلى مشروع توسعي، وإن كلاً منها ابتدأ باستمالة دولة أو قضم الجزء الذي يمكن استدراجه من دولة إلى محور استقطابه من على أرضية حماية هذه الدولة
من احتمالية التهديدات المستقبلية التي قد تهدد نظامه، أو تستجيب لرغبة جزء منها لتقرير مصيره. ومن بُعد آخر، تعزو قوة اقليمية أخرى تدخلاتها بدافع الحفاظ على مناخات الأمن والسلم الأهلي في المجتمعات التي تتعرض لانزياحات نتيجة واقع تأثيرات داخلية او من مغبة تداعيات خارجية وكما بات معلوماً أن هنالك قوى دولية تناصر هذا الطرف واخرى تقوم بالتدخل لصالح ذلك إما بترسيم اقتطاع مناطق من هذه الدولة العربية لصالح هذا المحور او بتعميد نفوذ ذلك المحور فى داخل بلد عربى آخر وهذا ما جعل من واقع التقديرات تشير الى جعل الأرض العربية ارضاً طاردة وليست جاذبة وكما يشكل استشراء هذه الحالة الى تهديد بالغ الاثر، لذلك يصف بعض السياسيين ذلك بقوله ان شكل النظام العربي الحالي لن يكون بهذه الصورة بعد انتهاء مرحلة المخاض المعايشة وان الدول الاثنية هي التي قد ترسم خارطة التكوين الجديد للشرق الاوسط القادم. ومن على هذه القرائن التي باتت تؤكد الفرضية المقروءة فإنه يمكن استنباط مآلات المشهد القادم وتداعياته، تأتي انتفاضة جلالة الملك عبداالله الثاني من اجل النظام العربي ودوره، ومن أجل الإنسان العربى وقضاياه، ومن أجل المحتوى الحضاري العربي ورسالته، فإن اللحظة التاريخية يولد معها قادة يعملون على بعث رسالة يقظة في ربوع أمة لتدافع عن حرماتها المقدسة فإن لم تستطع أن تفعل ذلك فإن وجود نظامها بالكامل يغدو مهدداً بالزوال، فهل علم بعض الساسة لماذا انتفض جلالة الملك ولِمَ رفع شراع السفينه وأبحر، رغم علو الموج، لأنها إرادة قائد يريد اجراء تعديل على كتابة نصوص ما يراد كتابته فى بطون كتب التاريخ، فهلّا كنا معه لعلنا نستطيع.
الرأي - الثلاثاء 2-4-2019