التنقيب عن رفاة «إسرائيليين»
مهزلة دولية تجتاح سياسات وسلوكيات بعض الدول في المنطقة، وهي تدخل في سباق محموم فيما بينها بحثا عن جثث ورفاة جنود اسرائيليين او غير جنود، تحت الارض في حالة اقرب ما تكون الى عمليات التنقيب عن الكنوز او المعادن الثمينة، وتعتبر الاراضي السورية واللبنانية هدفا للباحثين والمنقبين عن ذلك الصيد الثمين المخفي داخل باطن الارض.
انها ظاهرة جديدة بدأت تنتشر، ويزداد الاهتمام بها ويرتفع عدد الدول المهتمة بها، والاهداف المعلنة حتى الان من قبل الدول المشاركة في مشاريع التنقيب والبحث، الضغط على «اسرائيل «، مبادلة الرفاة والجثث بأسرى لدى الكيان المحتل، لكن من الواضح ان هناك هدفا ثالثا هو الاهم ولم يتم الاعلان عنه، وهو استرضاء حكومة نتنياهو ومحاولة التقرب منها، من اجل تخفيف مواقفها ازاء بعض الدول، لان الضغط يكون اقوى واكثر تأثيرا من خلال البحث عن الاحياء واصطيادهم، قبل التنقيب عن الرفاة.
هذه المهمة الصعبة التي تتطلب عملا استخباريا واسعا، واستخداما للتكنلوجيا المتطورة والجهد الكبير، واموالا طائلة للوصول الى اماكن وجود تلك الرفاة، اذا كانت موجودة اصلا، لا يمكن ان تقوم بها دول مهمة في المنطقة، حبا منها للاستكشاف او سعيا للنجاح في مغامرة او تنفيذا لهواية معينة، بل لا بد من وجود اهداف غير معلنة، سبقتها تفاهمات واتفاقيات وتعاون وتنسيق في مجال البحث على الاقل، بين الدول المشاركة في اعمال البحث والتنقيب والكيان المحتل.
نبش مقابر الشهداء والقادة الفلسطينيين ومقامات شهداء الغزوات والحروب والمعارك الاسلامية والصحابة، بحجة البحث عن رفاة جنود صهاينة قتلوا او فقدوا في معارك او حوادث، عمل لا يليق بفاعليه ولا يحترم حرمة وقداسة الشهداء، ويعتبر اعتداء صارخا على كراماتهم وتضحياتهم، ومنهم بل معظمهم اغتالتهم ايادي الاجرام والارهاب الصهيونية.
بعض الدول تحارب الكيان المحتل بأذرع ليست من جسدها، وتتجنب المواجهة المباشرة معه، في اطار حرب المصالح والتوظيف وعضّ الاصابع عن بعد .
البحث عن جثة تحت الارض، اصعب بكثير من البحث عن ابرة في كومة قش فوق الارض، ورغم انه مثل يدلل على المبالغة في صعوبة العثور على الابرة، لكن يمكن حرق كومة القش وايجاد الابرة خلال دقائق، اما الارض فلا يمكن حرث وحفر مساحات واسعة منها، دون وجود دلائل قوية ومعلومات شبه اكيدة تفيد بوجود جثث يهود في باطنها، للوصول اليها وانتشالها.
كل هذا الاهتمام الدولي في البحث عن رفاة «اسرائيليين»، يجب ان يختفي وراءه اهدافا واسبابا مهمة، ترتبط بمستقبل ومصالح وعلاقات الدول التي تبحث وتنقب مع الاحتلال الاسرائيلي.
المهمة سوف تكون مشرفة، اذا كان هدفها العمل على اطلاق سراح الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب من سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني، ودون ذلك فانها تندرج في سياق النفاق والتخاذل والتواطؤ مع الكيان المحتل ومحاولة التقرب منه
الدستور - السبت 11 أيار / مايو 2019.