نحو سياسات مالية تخدم الاقتصاد
أشهر قليلة ينتهي معها برنامج التصحيح الممتد منذ العام 2013 / 2016 ثم الى 2019، هذا البرنامج ادى الى نتائج وخيمة على النمو الاقتصادي والبطالة والفقر والدين العام، وحتى لانغرق في البحث عن اسباب لما آلت اليه اوضاعنا الاقتصادية والمالية، فإن المرحلة تتطلب التوافق على سياسات اقتصادية تنموية، وسياسات مالية حكومية تقشفية بحيث يتم الربط بين النفقات والقيمة المضافة لهذه النفقات، وسياسات نقدية منفتحة تساهم في تسريع وتائر النمو في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية ضاغطة.
ثلاثون عاما من برامج التصحيح مع مؤسسات التمويل الدولية في مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين، لم تسعفنا، بينما هناك دول وشعوب كثيرة مرت بما مررنا به ومع ذلك خلال فترة زمنية سرعان ما تعافى الاقتصاد وتحسنت مستويات معيشة شعوبها ووفرت بنى تحتية رائعة، اذا ..فالمشكلة الكبرى في الادارة اولا واخيرا في كافة الملفات إذ سرعان ما نبدأ من الصفر مع تغير كل حكومة وما اكثره.
لسنا دولة او جزيرة معزولة عن العالم المعاصر الذي يعيش عصر ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات والفضاء المفتوح، والمخزون العالمي من العلوم وتجارب الدول وقصص نجاح الشعوب متاح من المانيا الى اليابان وماليزيا الى رواندا ..وغيرهم كثر، فعلينا ان نعيد تحديد اولوياتنا ورسم منحنى واضح لتحقيق الاهداف الطبيعية وهي النمو وتحسين مستويات المعيشة والعيش بكرامة، وهذا متاح لدولة وشعب متعلم وشبابي الطابع.
لسنا بحاجة الى نصائح الغير فقد تجاوزها الزمن واكتوينا بنارها ثلاثة عقود، فالمهم ان نقرر وان نبدأ، ويفترض ان لايهمنا راي الاخرين ورضاهم، فالاساس ان ننجح محليا وبعد ذلك ننظر الى الغير، فلا يهمنا ان نربح العالم ونخسر انفسنا، فالاساس ان نربح انفسنا اولا وثانيا وبعدها نلتفت الى الاخرين.
ماهي اولويات برنامج التصحيح الاقتصادي الوطني؟، تخفيض النفقات غير الاساسية، وفرض رسوم جمركية على المستوردات غير الغذائية، وتحفيز الزراعة والصناعة والسياحة، وإطلاق صناديق لتمويل للمشاريع الانتاجية بكلف معتدلة، وإنضاج قانون السندات، بما يخفف تكاليف الاموال عن كاهل المستثمرين وتشجيع المنافسة والابتكار في القطاع المصرفي الاردني وتقديم خدمات ومنتجات مصرفية تلبي الاحتياجات على مستوى القطاعات الى جانب خدمات التجزئة.
اخطر ما يمكن ان نواجهه العودة مجددا الى تصميم برامج تصحيح وفق شروط صندوق النقد والبنك الدولي، عندها نعود للمربع الاول بدون بارقة امل في الافلات مما نحن فيه بعد ثلاثة عقود كانت تجارب مريرة ونتائج وخيمة.
الدستور - الاثنين 20 أيار / مايو 2019.