من فض اعتصام الخرطوم إذن ؟
فوجئ السودانيون ليل السبت - الاحد بالمجلس العسكري يسحب اعترافه بفض الاعتصام بالقوة ، وهو ما دفع بمراقبين إلى التندر بطبيعة أداء العسكر في اي بلد يمسكون بزمامه .
ومن الثابت وفق التصريح السابق " المنفي " اعتراف المتحدث باسم المجلس بمسؤوليته عن فض الاعتصام بالشراكة مع النيابة العامة ...
ومن المفارقات أن النائب العام نفسه يدخل هذه الأثناء في سجالات مع المجلس العسكري حول تحديد المسؤولية عن مقتل اكثر من 100 من المعتصمين ، ويريد كل طرف النأي بنفسه عن المسؤولية .
ولأن المجلس العسكري أراد منذ البداية التخلص من تبعات فض الاعتصام ، فقد حاول إلباس القضية للنائب العام بسبب حضوره العملية كجهة قضائية مدنية خولت المجلس بالتصرف من خلال اجتماع مشترك سبق العملية ، غير أن هذا الاخير قال بأنهم في النيابة العامة أوضحوا للعسكر خلال اجتماع الطرفين قبل المجزرة بأنه لا مشكلة في " تنظيف " منطقة كولومبيا ، ولكن بدون رصاص ، وعندما بدأ إطلاق الرصاص " انسحبنا كجهة قضائية " ..
وبخصوص لجنة التحقيق التي شكلها المجلس قال النائب العام بأن اللجنة "العسكرية" تخص المجلس العسكري ولا علاقة للنيابة العامة بالتحقيقات التي تجريها ، وإن النيابة مسؤولة فقط عن نتائج تحقيق لجنتها الخاصة مبشرا بمحاكمة البشير خلال اسبوع ، وهذه البشرى لها بالطبع مرام ومغاز تصب في صالح الطرفين بالتأكيد .
ما سبق يلخص واقع العلاقة بين الطرفين عندما يتعلق الأمر بالدماء ، حيث ينأى كل بنفسه ، ولقد تم بالفعل تلبيس الأمر لبعض العسكريين من غير " الكبار " مع أن قوات التدخل السريع بقيادة " حميدتي " هي التي فضت الاعتصام وأسالت كل هذه الدماء .
و" حميدتي " لمن لا يعرف ، هو بمثابة العصا الغليظة في المجلس ، بل إن بعض وسائل الاعلام الغربية وصفته بـ " رجل السودان الأقوى " ، وهذا الوصف يذكرنا بالجزائري خالد نزار في التسعينات ، ولا غرابة والحالة هذه أن يترحم حميدتي : بقوة " على الضحايا وفي نفس الوقت يثني " بقوة " أيضا على قواته .
لقد قتل العشرات خلال فض الإعتصام ، والرأي العام السوداني والعربي والدولي والمنظمات الحقوقية تسأل :
إذا كان العسكر لم يأمروا بالمجزرة وفق نفيهم الأخير ، وإذا كانت النيابة العامة لم تعط الإذن بها ، وإذا كان حميدتي وقوات تدخله السريع لم يفعلها ، فمن الذي فعلها إذن ؟؟ .
لعلهم المعتصمون !.
جى بي سي نيوز - الأحد 16-6-2019