شروط المقاربة الجديدة
من الواضح أن الأداء الاقتصادي خلال السنوات الخمس المقبلة لن یختلف كثیرا عما تحقق خلال السنوات القلیلة الماضیة، وھذا ما یتوقعھ العدید من المؤسسات الدولیة، وفي تقریر صندوق النقد الدولي الأخیر حول الأردن فإن كافة التوقعات المستقبلیة لا تتوقع تحقیق نسبة نمو تتجاوز في أحسن الأحوال 3 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، ورافق تلك التقدیرات أیضا بعض البیانات حول العجز، المدیونیة والبطالة وغیرھا من المؤشرات الاجتماعیة الحیویة. فماذا تعني تلك التقدیرات التي بنیت على افتراض أن أداء المستقبل مرتبط أیضا بالأداء الاقتصادي المتحقق في الماضي وافتراض ان دینامیكیة الاقتصاد لن تختلف، بمعنى افتراض ”عمل كالمعتاد“، فالظروف الإقلیمیة ستستمر، المستثمرون وترددھم سیبقى ھو العنوان الأبرز، ولن تتمكن الحكومة من اجتراح معادلات جدیدة لتحفیز النمو وتولید فرص عمل، لذلك یستمر الوضع على ما ھو علیھ وستستمر دورة الاقتصاد كما ھي علیھ. فھل ھذا ما نسعى الیھ أم أن ھناك مقاربة او قدرة على اجتراح حلول جدیدة یمكن ان تغیر من ھذا الواقع غیر المشرق وتساھم بحلحلة الاوضاع بشكل جذري؟ للإجابة على ھذا السؤال نتفھم سعي الحكومة الى وضع برنامج اقتصادي یساھم بتحفیز النمو، ویساھم بتحقیق معدلات نمو تتجاوز تلك المتوقعة في برنامج الصندوق، وھي معدلات نمو متحفظة ومبنیة على تجربة الصندوق خلال السنوات الماضیة، وقناعة فریق الصندوق بأن الأردن یتحدث كثیرا عن الإصلاح، ولكنھ لا یقوم بترجمة السیاسات الى إجراءات عملیة تغیر من الواقع بشكل ملموس. خلال الأسبوع الماضي حدد نائب رئیس الوزراء الدكتور رجائي المعشر في ندوة نظمھا منتدى الاستراتیجیات الأردني عددا من معیقات تحفیز النمو، واعترف بأن ھذه المعیقات مكبلة للاقتصاد وأنھا اھم بكثیر من الحوافز التي یتم تقدیمھا للكثیر من القطاعات، بمعنى ان نظام الإعفاءات الذي یكبد الخزینة ملایین الدنانیر لم یحقق الأھداف المرجوة، بل على العكس یفاقم اشكالا عدیدة من التشوھات المضرة بالأداء الاقتصادي، وھذه ”الحوافز والاعفاءات“ على
كثرتھا لا توازي العبء الذي یترتب على الاختلالات في أسعار الطاقة والنقل ولكلف التمویل والتأخیر في اتخاذ القرارات والتي تعیق اطلاق النمو في العدید من القطاعات. وإذا كانت ھذه ھي المعیقات، أو أھمھا وباعتراف رئیس الفریق الاقتصادي في الحكومة، فما ھي السیاسات الكفیلة بتحریك ھذه الملفات، وھل الإقرار بأنھا عقبات یكفي، أم اننا بحاجة الى إجراءات عملیة جراحیة تخرج عن المألوف ویمكن ان تساھم بتحقیق نمو یتجاوز المتوقع في برنامج الصندوق. نظریا من الممكن ان تختلف مقاربة الأردن وبرنامجھ ومخالفة توقعات النمو المتواضعة، وفریق الصندوق بالمناسبة، لا یعارض اتخاذ إجراءات من ھذا النوع، بل على العكس یشجع اي مقاربات مختلفة من شأنھا تحفیز النمو ومن شأنھا تغییر تلك التوقعات المتحفظة، لكن ھذا یتطلب ان تشمل تلك السیاسات محوري السیاسة الاستثماریة والمرونة في منح الإعفاءات، وھي مسألة أشار الیھا المعشر، وسیاسة العمل وكیفیة التركیز على تشغیل الأردنیین یضاف الى ذلك تعزیز القدرة على التنبؤ وبناء مصداقیة للسیاسات . نعم نحتاج الى نظرة مختلفة وسیاسات قابلة للتطبیق لتحقیق نسبة نمو تفوق المتوقع، والكثیر من عناصر النجاح بأیدینا وعلینا تسریع العمل لتحقیق ذلك
الغد - الاثنين 24-6-2019