العائد المحفز الأول للمستثمرين
بعد البيئة الاستثمارية الآمنة يعتبر العائد على الاستثمارات في كافة القطاعات هو الحافز الاول للاستثمارات المحلية وإستقطاب الاجنبية، لذلك تحرص الدول على تحسين مناخ الاستثمار بتوفير تشريعات مستقرة، وثبات نسبي لأسعار الصرف، وجودة البنية التحتية من طرق وبناء نظام نقل متعدد وكفؤ، وإعتدال اسعار السلع الإرتكازية في مقدمتها المنتجات البترولية والطاقة الكهربائية، وجهاز مصرفي منفتح وعادل، وقضاء فعال سريع في البت في القضايا المعروضة عليه، وأخيرا عمق الاسواق وسهولة الوصول الى اسواق التصدير الاقليمية والدولية.
ما تقدم ضروري ونحن نتابع احدث ارقام عن الاستثمارات الاجنبية في المملكة خلال الربع الاول من العام الحالي إذ انخفض صافي الاستثمار الاجنبي المباشر في الأردن بمقدار 33 مليون دولار، وهذا الانخفاض يأتي في ظل تباطؤ الاقتصاد بشكل متواتر خلال السنوات القليلة الماضية والشهور الاولى من العام الحالي.
فالمتعارف عليه ان العائد على الاستثمار يفترض ان يفوق العائد على الودائع المصرفية على اقل تقدير الى جانب الربح الرأسمالي ( Capital gain )، وتساهم التشريعات الناظمة للسياسات المالية والنقدية من اهم العناصر التي إما ان تساهم في تحسين مناخ الاستثمار او تقليص قدرة الاقتصاد على استقطاب استثمارات اجنبية.
وخلال السنوات القليلة الفائتة فقد تم اعتماد سياسات مالية انكماشية وسياسات نقدية تشددية رفعت هياكل اسعار الفائدة على التسهيلات الإئتمانية بالدينار حيث افضتا معا الى التأثير السلبي على الاسواق التجارية وخفضت تدريجيا القدرة الشرائية للسواد الاعظم من المستهلكين في البلاد، ورفعت تكاليف التشغيل والنفقات الادارية والعمومية على الاستثمارات التي خفضت قدرة المستثمرين على تحقيق الارباح وفي بعض الاحيان تحولت بعض الاستثمارات الى الخسائر، مما دفع البعض منهم الى الخروج من السوق تلافيا لمزيد من الخسائر.
اقتصاديا وماليا فالمتعارف عليه ان الاستثمارات لاسيما الجديدة تقدم حلولا عملية لمعالجة البطالة المتفاقمة التي بلغت حسب احدث ارقام صدرت عن دائرة الإحصاءات العامة نحو 19 %، مع اتساع نطاق الفقر، واستمرار حاجة الحكومة للاقتراض لتمويل الموازنة العامة التي تعاني عجزا كبيرا الذي يتحول الى قروض جديدة.
استمرار عدم الاهتمام بمتطلبات النمو الاقتصادي منذ سنوات والتركيز على الجوانب المالية ايرادا وصرفا قاد الى تضخم حجم الموازنة العامة للدولة والموازنات للوحدات المستقلة الى مستويات عالية تزيد عن 35 % نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي وهي من اعلى النسب العالمية، وترهق القطاع الخاص والمواطنين، فالحاجة تستدعي لخفض الانفاق العام خصوصا الجاري، والمباشرة بتحفيز القطاعات الاقتصادية الانتاجية وتوفير متطلبات تنشيطها حتى يشعر المستثمر والمواطن بذلك وينعكس إيجابيا على الاقتصاد على المستوى الكلي.
الدستور -