مهزلة وقف اطلاق النار في ادلب
من مهازل المواقف الروسية في سوريا ، أن موسكو اثنت على وقف اطلاق النار " المشروط " الذي اعلنه النظام في ادلب تزامنا مع انعقاد اجتماع استانا الاخير ، في موقف أقل ما يقال فيه إنه مكشوف ومفضوح و" عيب " ان يصدر من دولة عظمى ، عضو في مجلس الأمن .
ليس كاتب هذه السطور من يقول ذلك ، بل ممثل الامم المتحدة في مجلس الامن شخصيا ..
فقد قال وكيل الامين العام للامم المتحدة ومنسق القضايا الانسانية " مارك لوكوك " في جلسة لمجلس الامن قبل ايام : إن الروس يدعمون المذابح في سوريا ، ويشاركون فيها .
أضاف بأنه ومنذ ثلاثة شهور ترتكب المذابح في ادلب بدعم روسي ، في حين قال المفوض السامي لحقوق الانسان إنه وخلال ثلاثة شهور قتل 550 سوريا في قصف للنظام وقصف للطائرات الروسية ما ادى لوقوع مذبحة جديدة في ادلب في منطقة خفض التصعيد ، بينما قتل 100 سوري خلال اسبوعين في ذات المنطقة ، كاشفا عن قصف الطائرات الروسية والنظامية للمدارس والمستشفيات مع ان منطقة خفض التصعيد المتفق عليها ايرانيا وروسيا وتركيا تأوي 4 ملايين سوري تجمعوا من مختلف مناطق سوريا ابان فترات الترحيل الروسية المعروفة .
وللعلم ، فإنها المرة الاولى التي تتهم فيها الامم المتحدة روسيا " رسميا " بارتكاب هذه المذابح ، ولكن يبدو أن المعطيات التي توفرت هذه المرة كانت دامغة وغير قابلة للتشكيك أو أن وراء الأكمة ما وراءها .
وكما قلنا في استهلالنا لهذه المقالة ، فإن اعلان النظام " موافقته " على وقف اطلاق النار في ادلب يثير كل عبارات السخرية من نظام لا يملك لا " الموافقة " ولا " الرفض " ويفعل ما يؤمر من قبل الايرانيين والروس في أي ارض بسوريا وتحت اي سماء ، وجاء موقفه الاخير بعد الانتقادات الاخيرة .
والمهزلة الاخرى : ان موسكو اعلنت ترحيبها بالقرار " السوري " وفق ما جاء على لسان الموفد الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرنتييف خلال مشاركته في الجولة الـ 13 من اجتماعات استانا .
وكما يبدو ، فإن سيناريو حلب لا زال على طاولة الروس في ادلب ، ولقد شاهدنا جميعا كيف أن الحملة الاخيرة على هذه المدينة كانت تحمل نفس البصمات ، حيث لا زال سلاح الجو الروسي المنطلق من مستعمرة " حميميم" يطبق تجربة " جروزني " ، التي تكررت في حمص وحلب والغوطة وغيرها .
كل الاصابع تلعب في سوريا ، وما لم يتم منح جميع المشاركين في المذابح من الشرق والغرب مضافا اليهم اسرائيل ، جزءا أو " وضعا " ما في هذا البلد العربي الذي دمره النظام وحلفاؤه ، فإن النزيف السوري لن يتوقف ، لا وفق أستانا ، ولا وفق جنيف ولا غيرهما ، فكيف إذا علمنا بان الامريكان يدفعون بمئات الاطنان من الاسلحة الى مناطق سوريا الديمقراطية ..
هل ستنتهي الأزمة السورية ، او الثورة السورية ، او الحرب السورية .. كلا بالطبع ، إلا اذا تحقق الشرط المذكور ،وهو تقسيم الكعكة حتى آخر حبة خردل فيها .
جى بي سي نيوز - الاحد 4-8-2019