أزمة منتظرة لدارسي الطب والهندسة
رأس مال الأردن البشري هو سرّ ثروته، وهو عنوان التقدم، في بلد لا يملك الكثير من الموارد، وكان التعليم هو عنوان البقاء والصمود الأردني، لكن الحال اليوم وفي المستقبل لن تكون كما كانت سابقاً.
لدى الاردنيين هوس في دارسة الطب والهندسة، وهناك أزمة مستقبلية تفصح عنها ارقام وزارة التعليم العالي التي يدور في عقلها الكثير من السيناريوهات لوضع البلد أمام مشهد الحقيقة المقبلة من خلال الواقع وهو مشهد سيكون قاسياً إذا لم نتدبره مبكراً.
اليوم لدينا 10 آلاف ونحو 300 طالب حصلوا هذا العام على معدل تسعين وربما يزيد العدد بعد الامتحان التكميلي، وهؤلاء جلهم لا يقتنع ذويهم بغير سقف الهندسة والطب للدراسة، وقلة منهم يذهب لتخصصات ذات طابع مهني، وجلّ التخصصات العلمية في الجامعات راكدة، ما يعني ضرورة خلق تخصصات جديدة تخدم المجتمع ولا تضيف مزيداً من التعقيد له.
نقول للأهالي لا تذهبوا باولادكم لدراسة الطب والهندسه ولا تدرسوا أولادكم لأجل الهيبة والجاه، وفكروا جيداً بمستقبلهم الوظيفي، وفي المقابل على المعنيين بالتعليم العالي ابداع تخصصات تقود الى مهن وليس الى صفوف البطالة وبالتالي رفع منسوب الاحتقان الاجتماعي.
اليوم ودوناً عن الموجود في صفوف البطالة، هناك نحو سبعة عشر ألف طالب اردني يدرسون الطب، ونحو 41 الف يدرسون هندسة في الخارج والداخل، وهي تخصصات مشبعة، واذا بقينا على الوضع الراهن سوف نرى اطباء مستقبلاً يعملون في غير اختصاصهم، كما نرى اليوم حاملي درجة الهندسة يعملون اعمالا في غير تخصصهم، ومنهم من يعمل في محطات تعبئة الوقود، مع الاحترام لهذه المهنة الشريفة وغيرها.
نعم نحن نسير باتجاه ازمة، والتخصصات الجديدة المطلوبة محدودة في مجتمع سوقه صغير، كما أن الرهان الذي كان على دول الخليج لتشغيل جلّ الأردنيين لم يعد كما كان، وباتت دول الخليج تستقطب الأفضل وبحدود ضيقة وهي تتجه لتوطين التوظيف في أسواقها.
الأزمة تحتاج إلى مؤتمر وطني يكاشف الناس، وايضاح كامل يولد قناعات عند الأهالي. فغير المقبول أن يكون لدينا نحو 2500 طالب يدرسون الطب في اوكرانيا وحدها، وغير المقبول أن تبقى كليات الهندسة في وصفتها العلمية التخصصية القديمة.
أخيراً، العالم تتغير وظائفه المستقبلية، والرهان لم يعد على العنصر البشري المتعلم فقط، بل على المهارات والخبرات والقدرات والنوعية.
الدستور -