مصير جامو وكشمير بعد قرار الهند الاخير
ما لا يعرفه اغلب القراء العرب هو أن كشمير الهندية بالنسبة للباكستانيين هي ارض محتلة ، وهي كالقدس بالنسبة للمسلمين مع اختلاف في مستوى القداسة ، علما بأن تلك قداسة من نوع خاص لا يعرفها الا من توغل في التركيبة الثقافية لشعب باكستان وشعب الاقليم الواقع في الهمالايا والذي تسيطر باكستان على ثلثه بينما تحتل الهند ثلثيه .
الهند التي اتخذت في الخامس من الشهر الجاري قرارا بالغاء الحكم الذاتي عن الاقليم ، تجاهلت ما يمكن ان يترتب عليه مثل هذا القرار الخطير والذي قد يؤدي الى الحرب بين قوتين نوويتين ، وإن كانت المؤشرات حتى الآن تتحدث عن لجوء باكستان الى المحافل الدولية ، بينما تقول الهند إن قرارها شأن داخلي لكون الاقليم هو احد ولاياتها .
ماذا يعني القرار الهندي بالغاء الحكم الذاتي لسكان اقليم جامو وكشمير المسلمين ، الذين يبلغ تعدادهم اكثر من 12 مليون نسمة وفق احصاءات غير هندية ؟؟ ..
بداية ، نذكر القراء الاعزاء بأن هذا الاقليم متنازع عليه منذ عقود ، وكما هي عادة البريطانيين ، فقد تركوا عند رحيلهم من الهند في العام 1947 هذا الاقليم لغما قذرا لتستمر النزاعات عليه بين الدولتين ، كما فعلت في كل البلدان التي كانت تحتلها أو هي منتدبة عليها ، ومنذ رحيلها عن الهند في العام المذكور عقب استقلال باكستان في العام نفسه بيوم واحد بدأ النزاع ، ليشتد عاما بعد عام لدرجة المطالبة باستقلال الاقليم نهائيا عن الهند التي منحته حكما ذاتيا وفق المادة 370 من الدستور ، وهي مادة اعطت سكان الاقليم المسلمين حق ادارة شؤونهم المدنية والاقتصادية باستثناء الدفاع والخارجية والقضايا السيادية ، وظل الامر كذلك الى ان الغي الحكم الذاتي بمرسوم رئاسي كما قلنا يوم الاثنين الماضي وصادق عليه البرلمان الهندي في اليوم التالي .
مكمن الخطر في القرار هو أن المادة الدستورية المذكورة : " 370 " تمنع الاجانب من شراء الاراضي في الاقليم المتنازع عليه ، وبإلغاء هذه المادة يصبح بإمكان الاجانب من خارج الاقليم بل ومن خارج الهند شراء الاراضي والتملك بما يهدد التركيبة الديمغرافية والدينية للاقليم ذي الاغلبية المسلمة ، خاصة وان الحكومة الهندية الحالية هي حكومة هندوسية متطرفة ، ومن المؤكد أن من اهدافها اغراق الاقليم بملايين الهندوس لانهاء القضية على الطريقة الصينية في تركستان الشرقية .
ثم إن علينا أن لا ننسى ، بأن العلاقات الهندية الاسرائيلية وصلت لحد التعاون في الخبرات الأمنية والتسلح وتبادل المعلومات ، فاسرائيل لا تخفي عداءها لباكستان " النووية " التي تعتبرها صاحبة القنبلة النووية الاسلامية الاولى ، يضاف الى ذلك أن باكستان تتعرض لضغوط شديدة من قبل الولايات المتحدة ، إلا أن موقعها الجيوسياسي يجعل من هذا البلد مركزيا في المنطقة مما يضطر الولايات المتحدة لمداهنته ولو مكرهة ،خاصة إذا ارادت واشنطن الانسحاب من افغانستان ، وهو انسحاب لن يتم الا بالتنسيق مع الباكستانيين الذين لهم يد طولى في هذه البلاد ، ويقول مراقبون بأن القرار الهندي جاء كخطوة استباقية لنفوذ باكستاني محتمل وقوي في كابول عقب انسحاب القوات الاجنبية المرتقب ، ولهذا التحليل شيء من الصحة كما أرى .
واختم بالقول : إنه على كل العالم العربي والاسلامي أن يعلم بأن هناك اقليما مسلما آخر متنازع عليه يتم ابتلاعه بعد أن اصبح العالم الاسلامي " " ملطشة " للولايات المتحدة واوروبا وايران واسرائيل والصين ، والآن للهند والحبل على الجرار .
جى بي سي نيوز - الاحد 11-8-2019