بدران منتقدا اصدار قوانين مؤقتة: فصل السلطات اساس الديمقراطية

المركز الوطني لحقوق الانسان في الاردن يصدر تقريره السنوي السابع
المدينة نيوز - اصدر المركز الوطني لحقوق الانسان الاحد تقريره السنوي السابع عن حالة حقوق الانسان في الاردن للعام2010.
واكد رئيس مجلس امناء المركز الدكتور عدنان بدران ان فصل السلطات هو اساس الديموقراطية، منتقدا السلطة التنفيذية باصدارها للقوانين المؤقتة.
وقال "اصدار 48 قانونا مؤقتا لا يمكن وصفه الا بانه تغول من السلطة التنفيذية على دور السلطة التشريعية في مخالفة صريحة وواضحة لأحكام الدستور التي يطلب توافر شرطي الضرورة والاستعجال لاصدارها ".
وبرر انتقاده للقوانين المؤقتة بكون الكثير من هذه القوانين ترتبط بحقوق الانسان وحرياته والتي استقر اجتهاد الفقه الدستوري على عدم جواز تنظيمها بموجب قوانين مؤقتة، علاوة على ان العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية اكد عدم جواز تقييد الحقوق والحريات العامة الا بموجب قانون صادر عن سلطة تشريعية مختصة تمثل إرادة الشعب لا بموجب قانون مؤقت يتنافى مع الشروط التي أقرها الدستور.
وطالب بدران بانشاء محكمة دستورية لمراقبة دستورية القوانين وتكون السلطة القضائية مسؤولة عنها، قائلا ان كيان دولة القانون لا يستوي دون تقيد السلطات العامة والافراد جميعا باحترام الدستور والفصل بين السلطات والالتزام بمبدأ سيادة القانون وتحقيق الاستقرار التشريعي.
وعرض بدران القوانين المؤقتة الصادرة العام الماضي ومنها قوانين مست استقلال السلطة القضائية كقانون استقلال القضاء وقانون النيابة العامة "اللذين تم ردهما من قبل مجلس الامة "، بالاضافة الى تعديل التشريعات الناظمة للتعليم العالي والبحث العلمي بعد أن تم صدورها من مجلس الأمة قبل عدة شهور، بما ادى الى ارباك تشريعي وعدم استقرار الاطر التشريعية التي تنظم حياة المواطنين.
وقال بدران ان المركز مع العودة عن التعديلات التي طرأت على دستور عام1952 لانه ضد القوانين المؤقتة.
إصدار 48 قانونا مؤقتا تغول من السلطة التنفيذية على دور السلطة التشريعية
واشار التقرير الى بروز مظاهر التعدي على مبدأ سيادة القانون سواء من قبل السلطات العامة او الافراد والمتمثل بانتشار قيم الوساطة والمحسوبية والعشائرية وتفشي الفساد ولجوء الافراد للحصول على حقوقهم بطرق غير مشروعة، وخصوصا مع طول أمد المحاكمات وارتفاع تكاليف التقاضي، واستخدام العنف باشكاله المختلفة كاداة لتلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
واعتبر بدران قانون الانتخاب المؤقت الذي جرت على أساسه الانتخابات للبرلمان السادس عشر مخيبا لآمال المواطنين ومطالب القوى والفعاليات السياسية والحزبية والنقابية والمدنية لانه "لم ينتشل الحياة السياسية والحزبية في المملكة من وهدتها ويطلق مسيرة الاصلاح السياسي ويدفع العملية الديمقراطية مع ابتعاد أحكامه عن المعايير الدستورية والدولية الناظمة للحق في الانتخابات الحرة والنزيهة، وهو الأمر الذي ادى الى الحد من تمثيل القوى والاطياف السياسية والشعبية في مجلس النواب ".
واكد التقرير ان حق المعلمين في تكوين نقابة لهم حق مشروع كفله الدستور والمعايير الدولية لحقوق الانسان، داعيا السلطتين التشريعية والتنفيذية الى سرعة إزالة كافة العقبات وتهيئة جميع الظروف لإصدار قانون يكفل هذا الحق.
واظهر تقرير الوطني لحقوق الانسان ان عام2010 لم يشهد اي مبادرة جدية لإطلاق وتعزيز الحريات العامة وخاصة حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام، وحرية الاجتماع وحرية تأسيس النقابات والجمعيات، إضافة لتغييب المشاركة الشعبية الحقيقية للمواطنين في رسم وإقرار السياسات المتعلقة بتطلعاتهم السياسية ومصالحهم الاقتصادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الأفراد، وتكافؤ الفرص وفق الدستور، وخاصة فيما يتعلق بالحق في الجنسية والقبول في الجامعات والبعثات والتعيين في الوظائف العامة.
وقال بدران ان المركز يأخذ الحراك السياسي والشعبي في الاردن بجدية فهو مهم جدا لرفع سقف الحريات وتحقيق مبادئ حقوق الانسان.
واعتبر ان اصلاح القضاء امر اساسي وملح لانه اذا تأخر الاصلاح فيه "سيخرب " الاصلاح في القطاعات الاخرى.
واوضح بدران ان التقرير يقترح التشريعات والسياسات والإجراءات التي يعتقد انها تسهم في تغيير واقع حقوق الإنسان إلى الأفضل، وخصوصا في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة العربية ومطالبة شعوبها ببناء الدولة المدنية وفصل السلطات واعتماد الديمقراطية وقيمها وممارستها كاسلوب للحكم وتداول السلطة السياسية وسيادة حكم القانون وتعزيز حقوق الانسان. وتضمن التقرير وللمرة الاولى محورا يتعلق بتقييم مدى جدية الحكومة في اتخاذ التدابير التشريعية والقضائية والتنفيذية اللازمة لتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجان التعاهدية مثل لجنة اتفاقية مناهضة التعذيب لعام2010 ولجنة حقوق الإنسان المعنية بالحقوق المدنية والسياسية لعام2010 وما جاء في توصيات آلية المراجعة الدورية الشاملة لعام2009، بالاضافة الى التوصيات الواردة في تقارير المركز الوطني لحقوق الإنسان.
اما الإضافة النوعية الثانية في التقرير فهي تجميع التوصيات في فصل واحد يحتوي احد عشر محوراً وفقاً لارتباطها مع بعضها البعض مفاهيمياً ومنطقياً بدلا من إيرادها مبعثرة في ثنايا التقرير، وذلك لتسهيل الرجوع إليها من قبل الأجهزة الحكومية ونشطاء حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني والباحثين وسائر المهتمين.
كما تضمن التقرير ملحقا خاصا بتوصيات المركز حول التعديلات الواجب ادخالها الى قانون الانتخاب.
استمرار سوء الاحوال الاقتصادية واتساع جيوب الفقر وبقاء معدلات البطالة العالية
وعلى صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية شهد عام2010 استمرار سوء الاحوال الاقتصادية للمواطنين واتساع جيوب الفقر وبقاء معدلات البطالة العالية وازدياد تكلفة المعيشة بسبب رفع اسعار المواد الغذائية الاساسية وما نتج عن ذلك من تأثير كبير على حياة شريحة كبيرة من الطبقة المتوسطة والفقراء الذين ينفقون في الغالب اكثر من نصف دخولهم على الغذاء وعلى حساب تلبية الحاجات الاخرى في التعليم والصحة والسكن بالاضافة الى انعدام تمتعهم بالحياة الثقافية وثمرات التقدم العلمي، مما أدى الى انحسار للطبقة الوسطى وتفكك للمنظومة الاجتماعية وازدياد العنف المجتمعي والجريمة باشكالها المختلفة وخصوصا بين اوساط الشباب الذين يشكلون الفئة الاكبر من المجتمع الاردني بالاضافة الى بروز ظواهر عمالة الاطفال وتأخر سن الزواج وارتفاع معدلات الطلاق والتفكك الاسري.
وطالب رئيس مجلس امناء المركز بالتصدي للمديونية وعجز الموازنة لانها وصلت إلى خطوط حمر، مؤكدا اهمية اتخاذ خطوات اقتصادية ومالية سريعة ونافذة، وإلا فإنها ستؤثر سلبياً على معيشة المواطن.
واضاف بدران ان المركز يسجل استمرار التعامل السلبي مع حقوق العمال الأردنيين والأجانب، حيث لا يزال العمال يعانون من العديد من المشاكل لا سيما تلك التي تتعلق بالأجور والعيش الكريم والسكن المناسب والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وذلك على الرغم من توصيات المركز المتكررة بضرورة إيجاد حلول جذرية لهذه المشاكل.
وقال ان عدد الاعتصامات العمالية وحجم المشاركين فيها وانتشارها في مختلف انحاء المملكة وفي جميع القطاعات دلالة على عدم تكافؤ الفرص وتهميش حقوق الفئات الضعيفة والمس بكرامتها والرغبة في حصولها على الحقوق المكفولة دستوريا ودوليا.
من جهته عرض المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان الدكتور محيي الدين توق ابرز التطورات في مجال حقوق الانسان عام2010، قائلا انه لم يحدث أي تحسينات او اختراقات جذرية في مجال الحق في الحياة والسلامة الجسدية، والحق في الحرية والامان الشخصي.
واضاف ان اعداد الموقوفين اداريا انخفضت العام الماضي الا ان الشكاوى المسجلة في قضايا التوقيف ارتفعت كما ان اعداد الموقوفين لدى محكمة امن الدولة اعلى منها لدى المحاكم النظامية، "وهذا امر مزعج ".
كما انخفضت اعداد الموقوفين قضائيا بسبب التغييرات في قانون اصول المحاكمات الجزائية لكن طول امد التوقيف قبل صدور الحكم ما يزال مستمرا.
ولاحظ التقرير انخفاض الافراط في استخدام القوة من جانب الدرك مقارنة بعام2009.
واشار التقرير الى تطورين سلبيين في مجال الحق في اقامة العدل وهما قانون استقلال القضاء واستقلال النيابة العامة، حيث قال توق "لحسن الحظ تم رد القانونين في مجلس الامة "، كما ثمن القرار القضائي باعتبار قانون العمل الجديد "غير دستوري " لانه مؤقت ويتنافى مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
اما بالنسبة للحق في حرية التعبير والرأي فقد لمس التقرير بعض التطورات الايجابية مثل ايجاد غرفة قضائية للبت في قضايا المطبوعات ومنع توقيف الصحفيين.
وقال انه لا يوجد تجاوزات من العيار الثقيل في هذا المجال مثل الحبس او القتل او الاختفاء، الا انه اشار الى قضية حجب المواقع الالكترونية عن موظفي الدولة ومنع النشر في قضية المصفاة في الوقت الذي تم نشر اسماء المتورطين بالكامل خلافا للعرف السائد.
ونسب الى تقرير لمنظمة مراسلين بلا حدود يفيد بتراجع مرتبة الاردن في مجال الحريات الاعلامية الى المرتبة120 بعد ان كان في المرتبة112 في السنة التي سبقتها.
اما بالنسبة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فقد لاحظ التقرير وجود مؤشرات ايجابية مثل التقدم في مجال التعليم (انخفاض نسبة الامية الى7 بالمئة) وارتفاع العمر المتوقع عند الولادة وزيادة الدخل الفردي، الا ان التقرير لاحظ كذلك ازدياد الفجوة بين الدخل والمصاريف لان غلاء المعيشة التهم الارتفاع في الاجور.
واشار توق الى ان المركز بصدد انشاء لجنة عليا مع الحكومة لمتابعة التوصيات التي يصدرها المركز، معربا عن امله بالبدء بحوار جاد وفعال لتحسين الالتزام بهذه التوصيات.
واشار الى توصية التقرير بانشاء لجنة مستقلة عليا لبحث الانتهاكات في مجال سحب الجنسيات من اجل دراستها واتخاذ قرار بشأنها.
وثمن توق خطوة رئيس لجنة الحوار الوطني طاهر المصري باعتبار تقرير المركز احدى الوثائق الاساسية امام لجنة الحوار.
يذكر ان المركز استطاع خلال العام الماضي ان ينجز ثلاث مهام رئيسية هي رصد العملية الانتخابية للبرلمان السادس عشر بمشاركة ما يزيد على50 مؤسسة مجتمع مدني من مختلف محافظات المملكة، واعادة اعتماد المركز ضمن الفئة "أ " من قبل اللجنة الفرعية للاعتماد المنبثقة عن لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان للأعوام الخمسة القادمة، واخيرا انشاء وحدة حقوق المرأة التي تعنى أيضا بحماية حقوق الفئات الأكثر عرضة للانتهاك ضمن وحدات المركز.(بترا)