حل الدولتين في مهب الريح
في الآونة الأخيرة تزايدت التحذيرات الأردنية من أن حل الدولتين للقضية الفلسطينية المعترف به عربيا ودوليا، باستثناء الولايات المتحدة تحت ادارة دونالد ترامب، وكيان الاحتلال، يتعرض لخطر وجودي، بحسب وصف وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي.
وبالرغم من تعالي الاصوات التي تحذر من المصير المحتوم لحل الدولتين الذي سيصل اليه جراء السياسات الأميركية والإسرائيلية، فإن نجاحها بحشد موقف دولي يواجه السياسات الأميركية والإسرائيلية التي تهدف إلى إنهاء هذا الحل، وتعيد له الحياة التي سلبتها منه مواقف وإجراءات وسياسات ترامب وسلطات الاحتلال.
المواقف الأوروبية بالدرجة الأولى المؤيدة لحل الدولتين، لن ترتقي إلى مصادمة الإدارة الأميركية التي ترفضه، فالدول الأوروبية ستبقى تتحدث نظريا عن أهمية حل الدولتين، وأنه الحل المعترف به دوليا، ولكنها لن تتقدم أي خطوة فعلية باتجاهه، من خلال اجراءات عملية لإحيائه، وليس لتطبيقه على اقل تقدير، لأنها ستصطدم مع إدارة ترامب، وهي لن تفعل ذلك.
الدول العربية التي تؤيد هذا الحل بقوة، وبنت مبادرتها للسلام على أساسه، هي الأخرى لاتريد أن تصطدم مع الإدارة الأميركية، فهي برغم ترديدها الدائم لتأييدها، لحل الدولتين، وأنه الحل الوحيد المعترف به من قبلها ومن قبل دول العالم والأمم المتحدة، إلا أنها لن تحرك ساكنا، من أجله، مع أنها تقول غير ذلك، لأنها لن تغضب ساكن البيت الأبيض الذي يعتبر هذا الحل غير قابل للتطبيق، ولايعترف به، ويطرح بدلا عنه خطة أسماها خطة السلام الأميركية لحل القضية الفلسطينية، والمعروفة بتسمية “صفقة القرن” والتي بالمطلق ترفض حل الدولتين، لأن غايتها تصفية القضية الفلسطينية.
يبدو أن الأردن والسلطة الفلسطينية يقفان وحيدين في نضالهما للإبقاء على حل الدولتين.. فالأردن الذي يرى في حل الدولتين مصلحة وطنية، يتحرك على كافة الاصعدة لحشد المواقف تأييدا لحل الدولتين، ولمنع سقوط هذا الحل، لأن ذلك يعني حل الدولة الواحدة العنصرية الذي سيحرم الفلسطينيين من وطنهم ومن حقوقهم ومن السيادة على أرضهم، وسيحولهم لمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة وقد تكون الرابعة في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وأما السلطة الفلسطينية، فهي بالرغم من قول الكثيرين إنها لاتملك الاوراق لإسقاط “صفقة القرن” والخطط الأميركية والإسرائيلية، إلا أنها تملك الكثير من الأوراق القادرة فعلا على اسقاط “صفقة القرن” واعادة الحياة لحل الدولتين. فأوراق السلطة إذا أرادت أن تلعبها ( مع أنه من غير المتوقع ذلك) تعتمد على الشعب الفلسطيني الذي يستطيع بنضالاته إسقاط كل المؤامرات، ولكنها للأسف لم تلجأ إلى هذا الحل، مايضعف من مواقفها وقدرتها على مواجهة المخططات الأميركية والإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية.
أعتقد، أنه وبظل هذه الإدارة الأميركية، فإن حل الدولتين، قد يكون انتهى، مايوجب التعامل فلسطينيا وأردنيا وعربيا بشكل مختلف مع المخططات لتصفية القضية الفلسطينية. إن إفشال صفقة القرن، ودعم المقاومة الشعبية في فلسطين، من اجل ذلك، هو الطريق المجرب لمواجهة كل المؤامرات على القضية الفلسطينية.
الغد - الثلاثاء 1-10-2019