بعد أزمة المعلمين: ما العمل..؟
حين قرأت رسالة الرئيس د. الرزاز، الى المعلمين خطرت الى بالي مسألتان: الاولى هي اننا رغم كل ما جرى من اخفاقات هنا وهناك، فاننا مارسنا تمرينا مهما اعاد لمجتمعنا حيويته من جهة، ولبلدنا فسحة للمراجعة من جهة اخرى، وبالتالي يمكن ان اقول اننا وضعنا اقدامنا على بداية الطريق الصحيح لتجاوز هذه الازمة التي اربكتنا اكثر من شهر.
اما المسألة الثانية فهي ان ما فعلناه على امتداد الايام المنصرفة يجب ان يدفع حركة السياسة في بلدنا للانتقال من زاوية الاحتواء و الحل العاجل، الى دائرة التفكير و التصميم لبناء قواعد جديده تضمن عدم تكرار ما حدث، ليس فقط بالوعود والاجراءات، و انما بتعديل السياسات و السلوكيات، وصولا الى تغيير حقيقي للصورة و الاطار معا.
في هذا الاطار، يفترض ان نبادر الى وضع « خريطة طريق « جديدة و مختلفة، ليس فقط لان ما كشفته الازمة الاخيرة كان مفاجئا وصادما، و انما لان تجرتنا منذ سنوات و ما تراكم فيها من اخطاء، ناهيك عن الاستحقاقات التي تواجهنا داخليا و خارجيا، تحتاج فعلا الى هذه المراجعة، كما تحتاج الى تصميم مرحلة انتقالية نتوافق جميعا على عناوينها و مفاصلها و اتجاهاتها، تضمن لنا الوقوف على اقدامنا لتدشين نقطة انطلاق تطوي صفحة الاخطاء، و تبشر الاردنيين بتصحيح المسارات و فتح صفحة جديدة.
الان، يبدو فعلا اننا امام استحقاق تاريخي يحتاج الى قرارات تاريخية، فالتحولات التي طرأت على مجتمعنا كما كشفتها ازمة المعلمين لم تتواكب مع تحولات حقيقة على مستوى الدولة و مؤسساتها، مما افرز حالة من غياب الثقة بين الطرفين، كما ان الادوات التي ما نزال تستخدمها مؤسساتنا لم تتطور بما يناسب ما استجد من حركة على صعيد المجتمع و الافكار و الادوات التي يستخدمها، وقد ساهم هذا وغيره في انتاج انماط جديدة من النخب و المطالب و العلاقات و التصورات، اخطر ما فيها بروز الصراع على قاعدة « الطبقة « والثروة و النفوذ.
خريطة الطريق التي اشرت اليها تحتاج الى ورشات عمل حقيقية، ينهض بها اشخاص اكفاء و موثوق بهم، اما الاسئلة المعلقة التي يفترض ان تطرح فهي كثيرة، اهمها سؤال الدولة و قيمها و هيبتها، و سؤال النخب وادوارها، وسؤال الثقافة و العشيرة، و سؤال التعليم والعدالة، ثم سؤال المؤسسات الوطنية وادوارها، وسؤال المركز و الاطراف..الخ، لكن كل هذا يتطلب التوافق غلى هدف واحد عابر للحكومات و المؤسسات، نتوافق عليه جميعا للعبور نحو المستقبل باقل ما يمكن من خسارات، و اكبر ما يمكن من مصالحات.
نكمل غدا إن شاء الله
الدستور -